الخميس، 15 يوليو 2010

مدخل إلى علم اقوال الآباء

مدخل إلى علم اقوال الآباء

• مقدمة :-
يرجع لفظ باترولوجي إلى العالم اللاهوتي جون جيرهارد John Gerhard الذي ظهر في القرن السابع عشر وكان ذلك عنوانا لكتاب وضعه سنة 1653 يتضمن دراسات عن أقوال الآباء ولم يكن هو أول من أهتم بدراسات وأقوال الآباء ولكن ظهر ذلك منذ فجر المسيحية .
• من هم الآباء :-
يقول القديس بولس " لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس لكم آباء كثيرون لأني ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل " ( 1كو 4 : 15) ويقول القديس أكليمنضس السكندري
( الكلمات هي بنت أفكار الإنسان ولذلك فأننا ندعو الذين علمونا آباء لنا ... وكل من يتعلم هو من جهة الخضوع ابن لمعلم ) ،لذا فقد جرت العادة أن يطلق علي معلمي الكنيسة ومؤلفي الكتابات المسيحية في القرون الأولي اسم ( آباء الكنيسة ) ، وكان يطلق كلمة أب علي " المعلم " حيث يعتبر المعلم أب لتلاميذه وتبعا لذلك نستطيع أن نقول أن الآباء هم الذين ساهموا في تحديد مضمون الإيمان أو في صياغته أو شرحه وكانت أقوال الآباء في هذه الفترة تمثل نصيبا من التقليد الكنسي ، يتقبله كل جيل وينقله لدي الجيل الذي هكذا انتشرت أقوال الآباء لأنها تحمل بين طياتها إيمان الكنيسة الحي كما يقول القديس يهوذا في رسالته " الأيمان المسلم مرة للقديسين " ( يهوذا 1 : 3 )
** وتحدد الكنيسة فيمن يعتبرون آباء يجب أن يتوفر فيهم الشروط التالية :-
1) أرثوذكسية العقيدة .
2) قداسة الحياة .
3) قبول الكنيسة لأفكارهم.
4) أن يكون من آباء القرون الخمسة .
أما باقي المعلمين في العصور الأخرى المختلفة والكتاب اللاهوتيين ، يطلق عليهم الكتاب الكنسيين أو معلموا الكنيسة .
** أهمية دراسة كتابات الآباء :-
1. الكتاب المقدس والتقليد الكنسي هما أهم مصدرين للأيمان وتعتبر أقوال الآباء وكتاباتهم هي من أهم مصادر التقليد الكنسي.
2. كتابات الآباء : هي المصدر الأساسي لتفسير الكتاب المقدس وخاصة الآيات التي تمس العقيدة والأيمان.
3. كتابات الآباء : هي المصدر الأساسي الذي تأخذ منه الكنيسة نصوص القداسات التي نصلي بها كذلك التسابيح والتماجيد.
4. كتابات الآباء : هي الشبع والغذاء الذي تستقي منه الكنيسة حياتها الروحية والنسكية، كما أنها مصدر سير الشهداء والقديسين في العصور الأولي للمسيحية.
5. حاجة الكنيسة إلى مراجع أرثوذكسية في مجالات كثيرة تحتاج إليها مثل اللاهوت العقيدي، الطقوس الكنسية ، التاريخ الكنسي والقانون الكنسي وتفاسير الكتاب المقدس وكل ذلك لا يتوفر الإ في كتابات الآباء.
** كيف وصلت إلينا أقوال الآباء وكتاباتهم:-
كما ذكرنا في المقدمة أن أول من أستعمل لفظ باترولوجي هو جون جيرهارد في القرن السابع
عشر ولكن قبل ذلك كانت جهود لكثيرين لجمع هذا التراث الآبائى الهام .
1. يوسابيوس القيصري ( 260 – 340 م ) : يلقب بابو الباترولوجيا ومؤسس نشر فكر الآباء وأقوالهم وهو أول من أعتني بجمع أسماء الآباء و أعمالاهم وأهم أفكارهم وذلك في كتابة الهام ( التاريخ الكنسي ) الذي نشر عام 326 م .
2. القديس جيروم ( 342 – 420م ) : وقد قام بنفس العمل في كتابه المشهور ( مشاهير الآباء ) والذي جاء في 135 فصلا .
3. القديس يوحنا كاسيان ( 360 – 435 م ) : والذي تتلمذ علي أيدي آباء مصر العظام وسجل خبراتهم في كتابين ( المناظرات مع آباء البرية Conferences ) و (Institute ) .
4. المؤرخ بالاديوس ( 365 – 425 م ) : وقد جاء إلى مصر ليتعرف علي نساكها وقد تقابل مع القديس ديدموس الضرير ووضع كتابه الهام الذي سجل فيه الفكر الرهباني ( فردوس الآباء ) ويلقب أيضا بكتاب ( التاريخ اللوزياكي ).
5. روفينوس ( Rufinus ) ( 345 – 410 م ) : وقد درس أيضا علي يد القديس ديدموس الضرير عدة سنوات ووضع كتابه ( تاريخ الرهبنة في مصر ) وهو الذي أتطلع بترجمة كتابات أوريجانوس ونشرها باللاتينية.
6. باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزى : وقد شغفا بالعلامة أوريجانوس وأخذا من كتاباته الكثير في كتابهما ( الفيلوكاليا ) ( حب الصلاح ).
7. القديس اثناسيوس : وعمله الشهير ( انطونيوس ) ثم تتالت بعد ذلك ترجمات أقوال الآباء عن اللغات القديمة التي كتبت باليونانية أو القبطية إلى اللغات الحية وذلك بعد ترجمتها إلى اللاتينية .
** لغة الآباء :-
نظرا لأن اللغة اليونانية هي لغة الأدب والثقافة والفلسفة في ذلك الوقت ، لذا كانت اللغة اليونانية هي اللغة الأساسية التي كتب بها الآباء وخاصة في القرون الثلاثة الأولي ، وعندم وضع بنتينوس ( عميد مدرسة الإسكندرية ) في القرن الثاني مبادئ اللغة القبطية
وهي آخر تطور للغة الفرعونية القديمة ( الديموطيقية ) بدأت حركة ترجمة هذه الكتابات الي اللغة القبطية وكان رائد هذه الترجمات القديس أكليمنضس السكندري تلميذ بنتينوس وازدهرت هذه الترجمات في القرن الثاني حتى القرن الخامس .
وبعد دخول العرب مصر وانتشار اللغة العربية وكان ذلك في بدايات القرن الثامن والتاسع بدأت حركة الترجمة الي العربية وكان أول من قام بذلك ساويرس ابن المقفع ( الكتابه باللغة العربية ) في القرن العاشر ورغم ذلك لم يمنع هذا من استمرار بعض الآباء بالكتابة باللغة القبطية وذلك حتى القرن الثاني عشر .
** أهم دور النشر التى قامت بنشر هذه الكتابات :-
أهم هذه المنشورات مجموعة ميني (Migne ) : وهي سميت علي اسم احد الآباء الرهبان في القرن التاسع عشر والذي أهتم بجمع كل كتابات الآباء التى نشرت بجميع اللغات حتى هذا التاريخ وهي عبارة عن مجموعتين :
1. مجموعة الآباء اللاتين : طبعة باريس ( 1844 – 1855 ) وتتكون من 221 مجلد
2. مجموعة الآباء الأغريق : ( وهي التي كتبت باليونانية ) طبعة ( 1857 – 1866 ) وتتكون من 161 مجلد .
وهناك مجموعات أخرى مثل :-
1. مجموعة الآباء الشرقيين Patrologia Orientals: نشرت في باريس ( 1907 ) في 28 مجلد.
2. مجموعة الآباء السريان Patrologia Syriaca نشرت في باريس ( 1894 – 1926) في 3 مجلدات.
3. مجموعة مصادر مسيحية Sources Chrétien's
4. مجموعة آباء نيقية Nicene Fathers
وهي ثلاثة مجموعات ما قبل نيقية The Ante Nicene Fathers
نيقية Nicene Fathers ما بعد نيقية Post Nicene Fathers
وهي أهم المجموعات المنتشرة في مصر لأنها باللغة الإنجليزية وأغلب المترجمين المصريين يستخدمونها.
** مراحل تطور التراث الآبائى :-
يقسم العلماء وخاصة كواستين ( Quasten ) المراحل التي مر بها التراث الآبائى بخمسة أقسام:

أ- بدأ الأدب المسيحي الآبائى :-
ويضم كتابات الآباء الرسولين القرن الأول ، القرن الثاني ، القوانين الرسولية ، الليتورجيا ، الكتب الابوكريفا وفصلها عن الكتاب المقدس ، أعمال قصص الشهداء ، المدافعين والرد علي الهرطقات .

ب – كتابات ما بعد ايريناؤس الي ما قبل نيقية ( 325 م ):-
ظهور مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ، ظهور آباء أسيا الصغرى ومدرسة إنطاكية"التفسير الحرفي" الأدب اللاتيني المسيحي كذلك شمال أفريقيا ترتليان والقديس كبريانوس وغيرهم.

ج – كتابات ما بعد نيقية حتى مجمع خلقيدونية ( 451 م ):-
ويسمى بالعصر الذهبي لكتابات الآباء الشرقيين ، البابا الكسندروس ، اثناسيوس الرسولي ، ديدموس الضرير ، البابا ثاؤفيلس – البابا كيرلس الكبير ...
ظهور كتابات مؤسس الحركة الرهبانية (انطونيوس– باخوميوس – مقاريوس المصري – بالاديوس اسيذورس – شنودة ).
وخارج مصر ظهر أيضا آباء عظام أمثال باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزي ، يوسابيوس القيصري، كيرلس الاورشاليمي، يوحنا ذهبي الفم كما تميز بظهور المؤرخين (سقراط – سوزومين).

د – آباء الغرب في القرن الرابع والخامس :-
القديس هيلاري، القديس امبروسيوس ، القديس اغسطينوس ، القديس جيروم ، القديس روفينوس،
القديس يوحنا كاسيان .

الكوتة القبطية

الكوتة القبطية

أثيرت كثيرا فى الاوساط السياسية والحزبية موضوع تمثيل الاقباط فى مجلس الشعب او الشورى وعند كل إنتخابات تشريعية يثار هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض وكذلك من يتهم الاقباط بالتخاذل والسلبية وتجنب الحياة السياسية والبحث عن الاخراويات فى رحاب الكنائس .
ولكن الرصد الصحيح والمنطقى يجب أن يبحث فى تداعيات الحياة السياسية للاقباط قبل الثورة وبعدها ، وهل للكنيسة تدخل فى هذا التوجه ام لا .
قبل الثورة نجد مشاركة فعالة من الاقباط فى الحياة السياسية وكثير من الاقباط خاض الانتخابات وفاز بالتمثيل فى المجالس النيابية والمذهل ان ينجح احد الاقباط فى دائرة يغلب فيها الاخوة المسلمون ويعتمد على سيرته وبرنامجه الانتخابى فينجح ويسقط المرشح المسلم المنافس له .
ونجد ان القبطى يصل حتى يصبح رئيس وزراء ورئيس المجلس النيابى .
والمذهل ايضا ان يشارك رجال الاكليروس فى الحياة السياسية مثل القمص سرجيوس واعظ وخطيب ثورة 19 .
ولكن بعد الثورة تغير الحال واصبح هناك توجس من رجال الثورة حيال الاقباط ونجد ضعف التمثيل القبطى فى المجالس النيابية ، فيلجأ بعض الروساء من قبيل تجميل الصورة تعيين اقباط فى المجلس ولكن هناك فرق كبير بين الانتخاب والتعيين .
ثم ننتقل الى مرحلة إنتشار الفكر الوهابى فى اواخر السبعينات حتى يتأصل هذا الفكر تماما فى اواخر القرن العشرين وبدايات هذا القرن ونصل الى مرحلة الفرز والتجنيب لكل ما هو قبطى ، ويصير كل شىء تحت عباءة الدين .
فنجد حتى الحزب الوطنى لا يرشح اقباطا على قوائمه خوفا من فشلهم فى مقابل تغلل الفكر الوهابى بين جميع فئات الشعب وخاصة البسطاء .
ونظرا للحراك الذى يشهده المجتمع المصرى حاليا نحو رفض هذا الفكر وفضحه وخاصة بعد التمثيل الاخوانى فى المجلس الحالى والذى بلغ 88 عضوا فى سابقة لم تحدث قبلا ، واصبح حتى الحزب الحاكم مهددا من قبلهم ، تعالت اصوات المثقفين والليبراليين والعلمانيين نحو فصل السياسة عن الدين وتشجيع كل فئات الوطن فى المشاركة فى الحياة السياسية ، المرأة ، الشباب ، الاقباط .....الخ
من هنا يتضح اهمية الكوتة بالنسبة للاقباط حتى ولو كانت مرحلة انتقالية حتى يستعيد المشهد السياسى عافيته وحيويته ويعود التمثيل للجدير به بغض النظر عن الجنس او الدين او المذهب السياسى .
ربما يكون تخصيص كوتة للمرأة هو من قبيل بالونة اختبار للاوساط السياسية ودفعا للحراك السياسى ان يطالب بالمثل للاقباط حتى تستقيم الامور وتعود الى نصابها الصحيح

الاثنين، 12 يوليو 2010

الدراما القبطية وترسيخ الفكر المعجزى


انتشرت فى الأونة الاخيرة انتاج الافلام الدينية القبطية والتى اهتم بانتاجها بعض الكنائس وبعض رجال الاعمال وخاصة اصحاب دور النشر والمكتبات المسيحية وبعد انتشار الفضائيات المسيحية كثر الانتاج لتغطية ساعات الارسال وهذا فى حد ذاته ظاهرة صحية حيث يتم استخدام ادوات الميديا فى نشر الفكر المسيحى والتعريف بالقديسين ومجاراة روح العصر لجذب اكبر عدد من المشاهدين بعيدا عن الافلام المخلة والخارجة عن القيم والتقاليد المسيحية .
ولكن النيات الطيبة لا تكفى وهنا مربط الفرس ، وأعتقد اننى سوف اخوض فى منطقة شائكة ولكن لا مناص .
عندما تنحصر اكثرية هذه الافلام فى سير القديسين وتركز على جانب واحد فقط فى حياتهم وهو المعجزة يجب تحليل هذه الظاهرة ومعرفة اسبابها ونتائجها وخاصة ان اغلب هذه الافلام فقير جدا فى ادوات الانتاج وفقير فى كل العناصر الابداعية ( الديكور – الملابس – الاكسسوار – التصوير – الاخراج ) .
هنا يجب ان نتوقف وندرس ونحلل ونحذر .
وقبل ان نسترسل هناك عدة اسئلة تساعدنا فى ايضاح ذلك ؟
• لمن تنتج هذه الافلام ؟
• ما الهدف من انتاجها ؟
• من يقوم بمراجعتها تاريخيا او عقائديا ؟
• ما الهدف من التركيز على الجانب المعجزى فقط ؟
• ما الهدف من التركيز على حياة القديسين التى زاع صيتهم فى صنع المعجزة ؟
تساؤلات كثيرة تطرح نفسها ونجد انفسنا بين رحى الحجر هل نتكلم فنتعرض للهجوم المعلب والتهم سابقة التصنيع ام نصمت ونتهم بالسلبية وننسحب من دورنا التنويرى الذى تفرضه علينا ثقافتنا وارتباطنا بالتراث الكنسى والآبائى والذى امضينا فى دراسته اكثر من ثلاثة عقود ونجد انفسنا ملامين من جهة الرب .
أولا : نبدأ بإلاجابة على الاسئلة السابقة .
• فى الغالب تنتج هذه الافلام للعامة والبسطاء .
• وتنتج من اجل دغدغة مشاعرهم بالمعجزات واعمال القديسين الخارقة .
• فى الغالب لا تتم مراجعتها ولو تم ذلك يكون عن طريق احد الرهبان المرتبطين بهذا القديس وفى الغالب لا يكون متخصصا .
• طبعا التركيز على الجانب المعجزى لكى يربط العامة بالقديس اكثر وتزيد مبيعاتهم من الصور والتماثيل وكتب المعجزات وكل المنتجات المرتبطة بهذا القديس وهذا يصب فى حساب المنتجين الذين هم اصحاب المكتبات ودور النشر .
• لقد تعلمنا فى مدارس الاحد ان القديس يجب ان يختفى خلف صورة المسيح التى يتمثل فيها القديس ويأوول كل فعل لمجد المسيح وليس مجد القديس .
• هناك قديسون كثيرون لهم جوانب اخرى كثيرة غير المعجزة مثل الكتابة فى اللاهوت والتاريخ والتأريخ والبناء والتعليم و......الخ لماذا يتم اغفال هؤلاء .
ثانيا : هل المعجزة هى الحل ؟
بالطبع لا فذلك يخلق جيلا متواكلا ، سلبيا ، ضعيفا ، منعدم الارادة ، ينتظر من يلقيه فى البركة لكى يشفى ، يترك تدبير حياته لهذا القديس او ذاك كل مشكلة ينتظر ان تحل بالمعجزة وفى خضم ذلك ننسى المسيح حتى يتوارى المسيح خلف القديس ... حاشا!!!
ونرجو مراجعة كتابات القمص تادرس يعقوب بخصوص المعجزة وضوابطها واهدافها ومضارها ايضا .
ثالثا : مشاهد من الافلام
• فى احد الافلام يتم التركيز على معجزة صنعها القديس وهى انتاج بلح نصفه احمر ونصفه اصفر !!!
• فى فيلم اخر وهو لاحد الباباوات يتم التركيز على ظهور البابا لاحد الاشخاص ثلاثة مرات للتأكيد على ارجاع محفظة وجدها هذا الشخص تخص شخص اخر فى هذه المحفظة شلن من البابا !!!
• هذا بخلاف ان اغلب القديسين إما يتصنعا الهبل والعبط او فى بساطة تقرب من الخبل !!!
• هذا ايضا بخلاف الرمل والاحذية والمتعلقات الشخصية التى اصتبغت بالقداسة !!!
هل هذا فى تقلدينا الكنسى ، هل هذا فى لاهوتنا الشرقى ، هل هذا هو ما نريد ان نوصله الى ابنائنا ، هل هذا تراثنا الذى وضعته مدرسة الاسكندرية ، واديرتنا التى افرزت الرهبنة التى انتشرت فى العالم اجمع .
وتبقى واقعة حصلت منذ ما يقرب من عشرين سنه عندما كنت بالكلية الكليريكية وكان هناك وفد من طلبة احدى كليات اللاهوت بالخارج وتسآءل احدهم لماذا تنتشر اخبار المعجزات فى منطقة الشرق الاوسط ؟
فكانت اجابتى كالتالى ، ان الشرق الاوسط وخاصة مصر كل شىء لكى يتحقق لا بد من معجزة .
لكى تنجح فى الثانوية العامة محتاج معجزة .
لكى تلتحق بوظيفة محتاج معجزة .
لكى تجد شقة لتكوين اسرة محتاج معجزة .
لكى تنال الشفاء من اى مرض محتاج معجزة .
لكى تنهى ورقك من اى جهة حكومية محتاج معجزة .
وزد على ذلك الان الحصول على الرغيف المدعم محتاج معجزة .
وأعتقد فى وقتها كانت إجابة مقنعة لهم .
ولكن يبقى السؤال هذه الافلام هل للبناء ام للتخدير والتسكين ام نقولها صراحة هى عمل تجارى بحت ؟؟ !!
ونلتقى فى المقالة القادمة عن أجساد القديسين ، ثم المعجزة بين الدلالة و التخدير .
الانتصار الكبير فى معركة الخنازير


تهنئة حارة لأعضاء مجلس الشعب على سرعة اتخاذ القرار بإعدام الخنازير
تهنئة حارة للسادة المحافظين على إجادتهم فى تنفيذ القوانين والارشاد عن مزارع الخنازير فى محافظتهم .
تهنئة حارة لوزارة الدخلية على تصديها لمحاولات تهريب الخنازير والامتناع عن تنفيذ قوانين إعدامها والامساك بتلابيب الشباب المتهور الذى يقاوم تسليم خنازيره وإعتقاله .
تهنئة حارة لمحافظ اسيوط الذى يفتخر بعدم وجود خنزير واحد فى محافظته .
تهنئة حارة لوزارة الزراعة التى جندت كل إمكانيتها لتنفيذ قانون إعدام الخنازير سواء بالحرق او بالذبح .
وتبا لك أيتها الحيزبون برجريت باردو على بياناتك ومواقفك العنيفة ضد ذبح الخنازير فى مصر
وتبا لك ايها الدكتور رئيس منظمة الصحة العالمية على إدانتك لما حدث فى مصر المحروسة
ولتذهب الى الجحيم كل منظمات الرفق بالحيوان التى تنتهك السيادة المصرية فى اعتراضها على إعدام الخنازير .
وعزيزى وزير الصحة ارجو ان تتقدم بإستقالتك لأنك لست على المستوى العلمى مثل السادة اعضاء مجلس الشعب ولم تبارك قرارتهم المصيرية فى معركة الخنازير .
ولا عزاء لنقابة الاطباء التى اصرت الصمت ولم تدلى بدلوها فى هذه المعركة .
ولأن شر البلية ما يضحك هيا بنا نضحك بعد ان ضن الزمن علينا بالضحك على هذه الكوميديا السوداء .
اما بعد ، هل يمكن ان تقوم لنا قائمة بعد كل هذا الهراء ، هل نستطيع ان نقف وقفة مع النفس ونستجمع بعض من شجاعتنا المفقودة ونعترف بما آلت اليه أخطاءنا من عشوائية وتخبط وارتباك
وماذا بعد ؟ هذا هو السؤال الذى يجب ان يزلزل كياننا ويجعلنا نفيق ولو للحظات قبل فوات الاوان .
( على الهامش ) كنت بالاسكندرية لحضور احد المؤتمرات بمكتبة الاسكندرية ووجدت نفسى اشتاق لركوب الترام ذو الدورين بخط الرمل وجاء جلوسى امام رجل كبير الى حد ما فى السن ويظهر عليه البساطة فى التفكير والمعيشة وإذ به يكلمنى بدون سابق معرفة ، انت عارف انفلونزا الخنازير هى ابتلاء من الله ولو دخلت مصر سوف تقضى على 18 مليون مصرى ، وامريكا واوربا واسرائيل هم السبب وربنا مش حيسبهم ، ولقد ارسل الله لهم ايران حتى تقف فى وجههم وتحمى العرب من بطشهم وربنا يحفظ ايران ويقويها لتصمد امام هولاء .
هل وصلت الرسالة .... البقية فى حياة الخنازير .
حتى لا ندمر فن الايقونة

خلال رحلات الجمعية إلى الأديرة والكنائس القبطية وفى أنحاء مختلفة من محافظات مصر انتشرت ظاهرة خطيرة ربما استرعت انتباه البعض وربما العكس ، ولكن اعتقد أنها ظاهرة يجب إيقافها وبسرعة .
هذه الظاهرة هي استعمال صور مطبوعة للعذراء وللقديسين والملائكة وبالطبع هذه الصور هي في الأغلب إيطالي والقليل روسي أو بيزنطي . والذي استرعى انتباهنا اكثر أن بعض هذه الصور دشنت وأصبحت تستعمل في الممارسات الطقسية الكنسية .
وليس هذا فقط بل دخل هذا المجال أيضا تقنيات الكومبيوتر المبهرة وهذا بالطبع يؤدى إلى تراجع فن الأيقونة الذي حافظت عليه الكنيسة قرابة 18 قرن . إن العالم كله يحاول انقاذ ما تبقى من أيقونات أثرية بمصر وهناك مشروع حيوي لترميم وتسجيل هذه الأيقونات ويشارك فيه نخبة رائعة من علماء القبطيات المصريين وغير المصريين ، وليس ببعيد عن أذهاننا ما تم في الكنيسة الأثرية بدير الأنبا انطونيوس وما قامت به البعثات الأثرية بأشراف هيئة الآثار المصرية من إعادة إظهار وترميم الفرسكات (الرسومات الجدارية) التي بالكنيسة وهى تعتبر من اجمل و اقدم الكنائس بالعالم وكأنها متحف يشهد عن عظمة الفنان المصري وكيف أن الفن وسيلة يربط بها الفنان الطقس بالعقيدة بالكتاب المقدس ، وللأسف هذا الفن تقريبا اندثر.
وفى مبادرة هي الأولى من نوعها قامت الجمعية بإقامة عدد من المعارض لفناني الأيقونة وكم لاقت هذه المعارض من استحسان وتقدير. ومن خلال هذه المعارض تقابلنا مع كثير من فناني الأيقونة مسلمين ومسيحيين أحسسنا بمقدار الغبن الواقع عليهم من تجاهلهم وتجاهل فنهم ذلك باستثناء قلة من الفنانين تعد على أصابع اليد الواحدة. ورأينا كم الأيقونات المكدسة لديهم حتى أن بعض الفنانين عرض تقديم هذه الأيقونات للكنائس والأديرة بتكلفتها مقابل استخدامها بهذه الكنائس .
إن الإنفاق على اقتناء الأيقونات ووضعها بالكنائس لا يقل أهمية عن الترميمات والتجديدات التي تتم بأغلب الكنائس والأديرة .
صرخة نطلقها من خلال الجمعية أنقذوا الأيقونات القبطية قبل الاندثار ومن جانب الجمعية فهي على استعداد لتكون همزة الوصل بين الكنائس والفنانين والمشاركة في أي عمل يعيد لفن الأيقونة مكانتها وازدهارها ، وإننا من منطلق حرصنا على ذلك نهيب برجال الاكليروس ومجالس إدارات الكنائس رفع الأيقونات المطبوعة واستبدالها بأعمال فنانينا المصريين حتى يستعيد فن الأيقونة مكانته السابقة .
وهناك مثالان صارخان لتدخل تقنيات الكمبيوتر فى رسومات الكنائس الاول فى كنيسة بمنطقة شيراتون مصر الجديدة والاخرى على طريق السويس الكيلو 30 ربما ينبهر العامة بمثل هذه التقنيات ولكن هل نسمح بتدمير فن الايقونة من اجل الانبهار المؤقت !!!
قرافة المتصوفة - آثار منسية


حبا الله مصر بتنوع حضارى وتراثى يندر ان يتواجد فى مكان آخر ولو وضعنا خريطة تضم آثار مصر خلال العصور المختلفة لن يخلو شبر من هذه الآثار سواء فوق الارض او تحتها .
وهذا التنوع لو أحسن إستغلاله تصير السياحة هى قاطرة التنمية فى مصر متفوقة على البترول.
فى سفح جبل المقطم وفى منطقة يصعب التعرف عليها أو الوصول اليها ووسط مقابر الغفير تقبع منطقة تضم بين جنباتها آثار أقطاب التصوف فى مصر والغريب أن تحتوى هذه المنطقة على عناصر مختلفة ومتباينة بين قرافة ومسجد وبيت وقبة بخلاف مساجد لطائفة البهرة ويطلق على هذه المنطقة القرافة الصغرى وكذلك قرافة المتصوفين .
الصوفية هى رافد مصرى أصيل نشأ على يد ذو النون المصرى مؤسس وواضع بذرة التصوف فى مصر ومنه انتقلت الى سائر البلاد العربية كان لدى ذو النون المصرى ثقافته العلمية وأيضاً الدينية والروحية وتشير أغلب المراجع إلى أثنين تعلم وتتلمذ على أيديهما وهما إسرافيل وشقران العابد ويرجح أن إسرافيل هذا كان احد معلمى الغنوسية وقد تطرق هذا الصوفى إلى موضوعات كثيرة مثل النفس الإنسانية – الأخلاق البشرية – الجبر والأختيار – المعانى الروحية فى مناسك الحج – الأخوة فى الله – علم الباطن وحقيقته – المعرفة وسبيل الوصول اليها – المحبة الإلهية – المحبة والمعرفة .
هذا المتصوف جذب كثييرين مثل ابن الفارض الملقب بسلطان العاشقين وكذلك شاهين الخلوتى وغيرهم كثير مما جعل منزل ذى النون المصرى قبلة لكل المتصوفة وبعد وفاته أوصى كثير من المتصوفة بالدفن فى هذا المكان .
ثم ذاع صيت هذه المنطقة أكثر وجذبت ايضا طائفة البهرة الذين حرصو على التواجد فى هذا المكان وأقاموا عدة مساجد لهم .
كان لا بد من هذه المقدمة حتى نتعرف على الخلفية التاريخية هذه المنطقة وأهميتها
قبة ابن الفارض
في سفح جبل المقطم يقع مسجد سلطان العاشقين عمر بن الفارض الذي يحتفي به الصوفيون كثيرا.. فصاحبه عمر بن الفارض ، وهو واحد من كبار الشعراء الصوفيين ويحفل بشعره الشعراء والدارسون ويصف بعضهم ديوانه بأنه أرق الدواوين شعرا.
وقد توفي في سنة 632 هجرية "1235م" .. ودفن بالمقطم.. وبعد أكثر من قرنين من الزمان.. وفي سنة 865 هجرية "1460م" أقام الامير برقوق الناصري الظاهري قبة علي قبره.. وهي قبة صغيرة مبنية بالحجر. أقيمت علي أربعة عقود مفتوحة وسطحها محلي بالنقوش وتتميز هذه القبة بالمقرنصات التى فى الاركان الاربعة للقبة ومع القبة كان المسجد الذي جدده بعد ذلك بثلاثة قرون تقريبا في سنة 1173 هجرية "1759م" أمير اللواء السلطاني علي بك قازدغلي امير الحج.. وبقايا هذا المسجد تضم عمودين حجريين ومحرابا حجريا ودكه للمبلغ وبقايا منبر.. وعلي جزء من أرض هذا المسجد القديم انشأ المسجد الحالي ابنة الخديوي اسماعيل الأميرة جميلة فاضيلة هانم عمة الملك فاروق في سنة 1307 هجرية "1889م" وجعلته مسجدا مستطيلا تحمل أسقفه أربعة أعمدة حجرية وله محراب ومنبر يتميزان بالبساطة وألحقت به حديقة صغيرة ، ولكن حال هذه المجموعة المعمارية قد تغير كثيرا فطالت يد التجديد هذه القبة الرائعة وتم دهانها من الداخل بالوان بعيدة تماما عن روح الاثر ونجد الوان ذهبية واصفر واسود وموف مما افقد هذه القبة جلالها وجمالها المعمارى .
قبة الخلوتى
تقع جنوب قبة عمر بن الفارض بسفح المقطم وكان يوجد فوق باب القبة لوحة من الرخام عليها كتابة نصها ( بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا الجامع وأوقفه العبد الفقير إلى الله تعالى جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله شاهين الشيخ الخلوتى افتتح عام 945 هـــــ ويوجد كتابة أخرى منقوشة في داخل القبة ذكر تاريخ تجديدها سنة سبع بعد الألف
وتحت رقم ‏212‏ تم تسجيل جامع شاهين الخلوتي في سجلات الآثار باعتباره واحدا من أهم معالم مدينة القاهرة القديمة‏ ,‏ وقد جاء ذكر هذا المسجد في كتاب علي بك مبارك‏(‏ الخطط التوفيقية‏)‏ ووصفه بأنه يقع بسفح المقطم ويصعد إليه بمزلقان وبه أربعة أعمدة من الحجر وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف يكتنفها عمودان من الرخام ومنبر خشبي ودكة قائمة علي عمود من الرخام وتتمثل ملحقات المسجد في مساكن وخلوات للصوفية ومقابر منحوتة وبعضها مبني وصهريج للماء وبيت خلاء‏,‏ بالإضافة لمجموعة من المغارات المنحوتة في الصخر علي مستوي واحد أو علي مستويات مختلفة من الجبل وكان يتصل بعضها ببعض بأنفاق ويتم الوصول إليها بدرجات منحوتة في الجبل .
وبالرغم من ان هذا الاثر مسجل إلا ان حالته متدهورة جدا ولم يبقى منه سوى المأزنه والحائط الجنوبى وأصبح على وشك الانهيار ولم يعد هناك مسلك للصعود اليه بعد ان حاصرته المدافن الحديثة .
قبة الاسباط
وهى تجاور منزل ذى النون المصرى وتشير المصادر التاريخية ان اخوة يوسف مدفونون تحتها ويجاور هذه القبة مقعد من دورين عبارة عن عدة حجرات مغطاه بقبوات متقاطعة وبها محراب مزين بزخارف نباتية يشهد على عظمة الفنان الذى قام بإعداده وهى فى مجملها غاية فى الروعة والفن المعمارى المتميز ، ولكن للاسف صارت مقلب زبالة كما تهدمت بعض اسقفها .
قبة جميلة هانم
وهى التى اهتمت بقبة ابن الفارض وكما ذكرت سابقا فهى عمة الملك فاروق ويحيط بها سور وحديقة ولها باب خشب اثرى وللاسف ايضا اصبحت فى حالة يرثى لها بخلاف تربية الدواجن التى يقوم بها حراس المدفن مما جعل المنطقة فى غاية السوء .
مسجد اللؤلؤة ( ملكية خاصة )
وهومسجد اثرى ينتمى لطائفة البهرة وترجع تسميته بذلك لانه عند إضاءته مساء يصير مثل اللؤلؤة وسط الجبل ولكن الغريب أن المسجد أغلق فى وجوهنا ومنعنا من زيارته لانه حسب تعليقهم هو مسجد خاص ولا يدخله سوى البهرة .
يعوزنى الكثير حتى اسرد كل المعالم الاثرية فى هذه المنطقة ولكن اكتفى بهذا القدر لافتا ان هذه المنطقة تتعرض للتدمير والاختفاء وهذا سوف يكون فى غضون مدة قصيرة .
لذا اناشد الدكتور زاهى حواس - الذى غير خريطة مصر الاثرية والسياحية ويكفيه فخرا شارع المعز لدين الله الذى اصبح متحفا مفتوحا يشهد على عظمة التاريخ المصرى والعمارة الاسلامية – ان يولى هذه المنطقة الاهتمام لتعود رافدا مهما للسياحة الدينية وخاصة ان عشاق التصوف منتشرون فى العالم اجمع وخاصة المستشرقين المغرمين بفكر ذى النون المصرى ومريديه .
واقترح ايضا بعد اعداد هذه المنطقة للزيارة عمل مؤتمر عالمى عن التصوف والعمارة الصوفية ورموزها ويكون تحت رعاية الدكتور زاهى حواس .
ملاحظة هامة :
المنطقة تعانى قصور امنى شديد حيث هرع الينا بعض افراد الامن محذرين ايانا من التجول بمفردنا فى هذه المنطقة .
علامات مضيئة فى القرن الثامن عشر

لا يأتى ذكر القرن الثامن عشر وخاصة تحت الحكم العثماني إلا ونتذكر مدى ما وصلت إلية مصر من سؤ الأحول على جميع المستويات فلم يكن هم للولاة سوى استنزاف أموال الناس بأية طريقة كانت وبدون استثناء ولم يفرقوا بين مسلم وقبطي ، رجل أو امرأة ، وحتى رجال الدين والرهبان لم يسلموا من شرهم .
وفى هذا العصر انتشرت الضغائن بين المماليك وكذلك بينهم وبين الوالي ولم يكن يمر يوم حتى يسمع عن قتل أحد الأمراء او موت أحد المماليك مسموما
ويرغم هذا السواد الحالك وتفش الجهل و المرض والفقر يبزغ نجم مصرى أصيل يبدد هذا الظلام ويؤكد أن مصر ولادة ينتزع إعجاب الجميع واحترامهم ويكتسب ثقة الولاة والمماليك حتى يصير بدرجة رئيس وزراء على أيامنا هذه .
هذا النجم هو ابراهيم الجوهري
نشأة ابراهيم الجوهري
ولد ابراهيم الجوهري بإحدى قرى قليوب من أبويين فقيرين . وكان والده هو يوسف الجوهري يعمل بالخياطة وهى تعتبر من أهم الحرف التى يمتهنها الاقباط بعد الجواهرجية فى ذلك الحين .
وبالرغم من هذه البيئة الفقيرة إلا ان والده يوسف الجوهرى أصر على تعليمه فأرسله إلى كتاب قريته لتعلم الكتابة والحساب وتكشفت بسرعة مواهب ابراهيم الجوهرى فى الكتابة والحساب حتى انه صار من ابرع من يتولى نسخ الكتب وخاصة الكتاب الدينية، فكان يرسل بعض ما قام بنسخة الى البابا فى ذلك الوقت ( يوحنا الثامن عشر البابا 107 ) .
فكانت هذه النسخ سببا فى تقربه الى البابا وجعلت البابا يتوسط له عند المعلم رزق رئيس كتاب على بك الكبير فعينه أولا كاتبا عند أحد أمراء المماليك ، ثم بعد ذلك أخذه كاتبا له .
استمر على هذا الحال حتى ظهر نجم محمد بك ابو الذهب وكان أحد مماليك على بك الكبير فقام عليه وقتله ، فعزل المعلم رزق من وظيفته وقيل أنه قتله لأنه كان يدين بالوفاء لعلى بك الكبير .

رئيس كتاب مصر
بعد ذلك تولى ابراهيم الجوهرى منصب المعلم رزق فصار رئيسا للكتبة وظل فى منصبة حتى ولاية ابراهيم بك .
وقد أشتهر بالكياسة والتواضع والذكاء الشديد خاصة فى الأمور السياسية ، فحظى باحترام الجميع وحبهم ونال ثقة ابراهيم بك وحبة حتى صار رئيس كتاب القطر المصرى ( تعادل حاليا رئيس الوزراء )
شهدت البلاد على يد المعلم ابراهيم الجوهرى فى فترة ولايته لرئاسة كتبة مصر تحسنا ملحوظا فى علاقة الوالى بالشعب فحاز على حب الجميع المسلمين والأقباط وانعم الله علية بخير كثير فوهب كثير من أملاكه للكنائس والأديرة من هذه الأوقاف 238 مستند موجودة بمكتبة البطريركية .
وانعكس حب ابراهيم بك لإبراهيم الجوهرى فى التحسن الملحوظ لعلاقة الوالى بالأقباط ، ففى عهدة تمت إصلاحات كثيرة للكنائس وبناء كنائس جديدة كذلك امتد التعمير الى الأديرة والاهتمام بأحوال الرهبان .
واغلب الكنائس بمصر القديمة ومنطقة حارة زويلة والسقايين لم تخل من توسعات على يديه وكذلك الموافقة على بناء الكنيسة المرقسية بالازبكية ولكن لم يمهله القدر لحضور افتتاحها .
ولهذه الموافقة قصة فقد تصادف وصول أخت السلطان الكامل قادمة من القسطنطينية الى مصر قاصدة الحج ولكونه من ذوى الشأن فتم تكليفه بمرافقتها أثناء زيارتها لمصر فقام برعايتها وأشرف بنفسه على كل شئونها وفى توديعها قدم لها الكثير من الهدايا .
فأرادت مكافأته على خدمته ، فسألته عما يرغب فيه ، فالتمس منها إصدار فرمان سلطاني لإنشاء كنيسة الازبكية حيث كان يسكن .
كما التمس منها رفع الجزية عن الرهبان فوافقته على طلبه وتم إصدار فرمان سلطانى بذلك .
موائد الوحد الوطنية
ومن مأثرة ايضا أنه أول من أقام موائد الوحدة الوطنية وموائد الرحمن فقد دأب على إعداد موائد فى شهر رمضان للفقراء والأرامل والأيتام وتدبير كسوة للعائلات المحتاجة ولم يفرق فى ذلك بين مسلم وقبطى .
هروب ابراهيم الجوهرى
وفى عام 1787م أرسلت الدولة العثمانية فى عهد السلطان العثمانى عبد الحميد حملة عسكرية تأديبية لمصر بقيادة حسن باشا قبطان وذلك بعد محاولة ابراهيم بك ومراد بك الاستئثار بحكم مصر .
فهرب ابراهيم بك ومراد بك الى الصعيد واضطر المعلم ابراهيم الجوهرى الى مرافقتهما .
وفى أثناء ذلك تعرض المصريين لكثير من الظلم والعدوان ونال الاقباط الحظ الوفير من تلك الاضطهادات ، وهربت زوجة ابراهيم الجوهرى واختفت عند حسن كتخدا الذى كان لإبراهيم زوجها مآثر كبيرة عليه ولكن بعض ضعفاء النفوس ارشدوا عن مكانها لدى حسن باشا ، فأحضرها واجبرها على الاعتراف بأماكن ثرواتهم ، فاستولى على كثير من الذهب والفضة وكل المقتنيات الثمينة .
العودة مرة اخرى
وبعد انتهاء حملة حسن باشا قبطان ، رجع الأمير ابراهيم بك ومراد بك من الصعيد ورجع معهم ابراهيم الجوهرى وعاد إلى نفس وظيفته وسلطاته السابقة ولكنه لم يستمر اكثر من أربع سنوات .
وفى 31 / 5 / 1795 انتقل المعلم ابراهيم الجوهرى ودفن بمقبرته بكنيسة مار جرجس بمصر القديمة ، وقد حزن ابراهيم بك لوفاته كثيرا حتى انه أصر على السير فى جنازته ، وهى حادثة غير مسبوقة فى مصر فى العصر العثمانى .

قالوا عن ابراهيم الجواهرى
قال عنه الجبرتى المؤرخ الشهير والمعاصر له : " انه أدرك بمصر من العظمة ونفاد الكلمة وعظيم الصيت والشهرة ، مع طول المدة بمصر ، ما لم يسبق من أبناء جنسه ، وكان هو المشار أليه فى الكليات والجزئيات ، وكان من دهاقين العالم ودهاتهم ، لا يغرب عن ذهنه شيء من دقائق الأمور ، ويدارى كل إنسان بما يليق به من المدارة ، ويفعل بما يوجب من انجذاب القلوب والمحبة إليه .
وعند دخول شهر رمضان ، كان يرسل الى اغلب أرباب المظاهر ومن دونهم الشموع والهدايا ، وعمرت فى أيامه الكنائس والأديرة ..."
وقال الأنبا يوساب الشهير بالابح أسقف جرجا واخميم : " انه كان محبا لكل الطوائف ، يسالم الكل ، ويحب الجميع ، ويقضى حاجات الكافة ، ولا يميز احد فى قضاء الحق ..."
يعوزنا الكثير حتى نفى هدا الرجل حقه ولكنها شمعة صغيرة نضيئها عرفانا لهدا الرجل .