الاثنين، 12 يوليو 2010

الدراما القبطية وترسيخ الفكر المعجزى


انتشرت فى الأونة الاخيرة انتاج الافلام الدينية القبطية والتى اهتم بانتاجها بعض الكنائس وبعض رجال الاعمال وخاصة اصحاب دور النشر والمكتبات المسيحية وبعد انتشار الفضائيات المسيحية كثر الانتاج لتغطية ساعات الارسال وهذا فى حد ذاته ظاهرة صحية حيث يتم استخدام ادوات الميديا فى نشر الفكر المسيحى والتعريف بالقديسين ومجاراة روح العصر لجذب اكبر عدد من المشاهدين بعيدا عن الافلام المخلة والخارجة عن القيم والتقاليد المسيحية .
ولكن النيات الطيبة لا تكفى وهنا مربط الفرس ، وأعتقد اننى سوف اخوض فى منطقة شائكة ولكن لا مناص .
عندما تنحصر اكثرية هذه الافلام فى سير القديسين وتركز على جانب واحد فقط فى حياتهم وهو المعجزة يجب تحليل هذه الظاهرة ومعرفة اسبابها ونتائجها وخاصة ان اغلب هذه الافلام فقير جدا فى ادوات الانتاج وفقير فى كل العناصر الابداعية ( الديكور – الملابس – الاكسسوار – التصوير – الاخراج ) .
هنا يجب ان نتوقف وندرس ونحلل ونحذر .
وقبل ان نسترسل هناك عدة اسئلة تساعدنا فى ايضاح ذلك ؟
• لمن تنتج هذه الافلام ؟
• ما الهدف من انتاجها ؟
• من يقوم بمراجعتها تاريخيا او عقائديا ؟
• ما الهدف من التركيز على الجانب المعجزى فقط ؟
• ما الهدف من التركيز على حياة القديسين التى زاع صيتهم فى صنع المعجزة ؟
تساؤلات كثيرة تطرح نفسها ونجد انفسنا بين رحى الحجر هل نتكلم فنتعرض للهجوم المعلب والتهم سابقة التصنيع ام نصمت ونتهم بالسلبية وننسحب من دورنا التنويرى الذى تفرضه علينا ثقافتنا وارتباطنا بالتراث الكنسى والآبائى والذى امضينا فى دراسته اكثر من ثلاثة عقود ونجد انفسنا ملامين من جهة الرب .
أولا : نبدأ بإلاجابة على الاسئلة السابقة .
• فى الغالب تنتج هذه الافلام للعامة والبسطاء .
• وتنتج من اجل دغدغة مشاعرهم بالمعجزات واعمال القديسين الخارقة .
• فى الغالب لا تتم مراجعتها ولو تم ذلك يكون عن طريق احد الرهبان المرتبطين بهذا القديس وفى الغالب لا يكون متخصصا .
• طبعا التركيز على الجانب المعجزى لكى يربط العامة بالقديس اكثر وتزيد مبيعاتهم من الصور والتماثيل وكتب المعجزات وكل المنتجات المرتبطة بهذا القديس وهذا يصب فى حساب المنتجين الذين هم اصحاب المكتبات ودور النشر .
• لقد تعلمنا فى مدارس الاحد ان القديس يجب ان يختفى خلف صورة المسيح التى يتمثل فيها القديس ويأوول كل فعل لمجد المسيح وليس مجد القديس .
• هناك قديسون كثيرون لهم جوانب اخرى كثيرة غير المعجزة مثل الكتابة فى اللاهوت والتاريخ والتأريخ والبناء والتعليم و......الخ لماذا يتم اغفال هؤلاء .
ثانيا : هل المعجزة هى الحل ؟
بالطبع لا فذلك يخلق جيلا متواكلا ، سلبيا ، ضعيفا ، منعدم الارادة ، ينتظر من يلقيه فى البركة لكى يشفى ، يترك تدبير حياته لهذا القديس او ذاك كل مشكلة ينتظر ان تحل بالمعجزة وفى خضم ذلك ننسى المسيح حتى يتوارى المسيح خلف القديس ... حاشا!!!
ونرجو مراجعة كتابات القمص تادرس يعقوب بخصوص المعجزة وضوابطها واهدافها ومضارها ايضا .
ثالثا : مشاهد من الافلام
• فى احد الافلام يتم التركيز على معجزة صنعها القديس وهى انتاج بلح نصفه احمر ونصفه اصفر !!!
• فى فيلم اخر وهو لاحد الباباوات يتم التركيز على ظهور البابا لاحد الاشخاص ثلاثة مرات للتأكيد على ارجاع محفظة وجدها هذا الشخص تخص شخص اخر فى هذه المحفظة شلن من البابا !!!
• هذا بخلاف ان اغلب القديسين إما يتصنعا الهبل والعبط او فى بساطة تقرب من الخبل !!!
• هذا ايضا بخلاف الرمل والاحذية والمتعلقات الشخصية التى اصتبغت بالقداسة !!!
هل هذا فى تقلدينا الكنسى ، هل هذا فى لاهوتنا الشرقى ، هل هذا هو ما نريد ان نوصله الى ابنائنا ، هل هذا تراثنا الذى وضعته مدرسة الاسكندرية ، واديرتنا التى افرزت الرهبنة التى انتشرت فى العالم اجمع .
وتبقى واقعة حصلت منذ ما يقرب من عشرين سنه عندما كنت بالكلية الكليريكية وكان هناك وفد من طلبة احدى كليات اللاهوت بالخارج وتسآءل احدهم لماذا تنتشر اخبار المعجزات فى منطقة الشرق الاوسط ؟
فكانت اجابتى كالتالى ، ان الشرق الاوسط وخاصة مصر كل شىء لكى يتحقق لا بد من معجزة .
لكى تنجح فى الثانوية العامة محتاج معجزة .
لكى تلتحق بوظيفة محتاج معجزة .
لكى تجد شقة لتكوين اسرة محتاج معجزة .
لكى تنال الشفاء من اى مرض محتاج معجزة .
لكى تنهى ورقك من اى جهة حكومية محتاج معجزة .
وزد على ذلك الان الحصول على الرغيف المدعم محتاج معجزة .
وأعتقد فى وقتها كانت إجابة مقنعة لهم .
ولكن يبقى السؤال هذه الافلام هل للبناء ام للتخدير والتسكين ام نقولها صراحة هى عمل تجارى بحت ؟؟ !!
ونلتقى فى المقالة القادمة عن أجساد القديسين ، ثم المعجزة بين الدلالة و التخدير .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق