الخميس، 15 يوليو 2010

مدخل إلى علم اقوال الآباء

مدخل إلى علم اقوال الآباء

• مقدمة :-
يرجع لفظ باترولوجي إلى العالم اللاهوتي جون جيرهارد John Gerhard الذي ظهر في القرن السابع عشر وكان ذلك عنوانا لكتاب وضعه سنة 1653 يتضمن دراسات عن أقوال الآباء ولم يكن هو أول من أهتم بدراسات وأقوال الآباء ولكن ظهر ذلك منذ فجر المسيحية .
• من هم الآباء :-
يقول القديس بولس " لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس لكم آباء كثيرون لأني ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل " ( 1كو 4 : 15) ويقول القديس أكليمنضس السكندري
( الكلمات هي بنت أفكار الإنسان ولذلك فأننا ندعو الذين علمونا آباء لنا ... وكل من يتعلم هو من جهة الخضوع ابن لمعلم ) ،لذا فقد جرت العادة أن يطلق علي معلمي الكنيسة ومؤلفي الكتابات المسيحية في القرون الأولي اسم ( آباء الكنيسة ) ، وكان يطلق كلمة أب علي " المعلم " حيث يعتبر المعلم أب لتلاميذه وتبعا لذلك نستطيع أن نقول أن الآباء هم الذين ساهموا في تحديد مضمون الإيمان أو في صياغته أو شرحه وكانت أقوال الآباء في هذه الفترة تمثل نصيبا من التقليد الكنسي ، يتقبله كل جيل وينقله لدي الجيل الذي هكذا انتشرت أقوال الآباء لأنها تحمل بين طياتها إيمان الكنيسة الحي كما يقول القديس يهوذا في رسالته " الأيمان المسلم مرة للقديسين " ( يهوذا 1 : 3 )
** وتحدد الكنيسة فيمن يعتبرون آباء يجب أن يتوفر فيهم الشروط التالية :-
1) أرثوذكسية العقيدة .
2) قداسة الحياة .
3) قبول الكنيسة لأفكارهم.
4) أن يكون من آباء القرون الخمسة .
أما باقي المعلمين في العصور الأخرى المختلفة والكتاب اللاهوتيين ، يطلق عليهم الكتاب الكنسيين أو معلموا الكنيسة .
** أهمية دراسة كتابات الآباء :-
1. الكتاب المقدس والتقليد الكنسي هما أهم مصدرين للأيمان وتعتبر أقوال الآباء وكتاباتهم هي من أهم مصادر التقليد الكنسي.
2. كتابات الآباء : هي المصدر الأساسي لتفسير الكتاب المقدس وخاصة الآيات التي تمس العقيدة والأيمان.
3. كتابات الآباء : هي المصدر الأساسي الذي تأخذ منه الكنيسة نصوص القداسات التي نصلي بها كذلك التسابيح والتماجيد.
4. كتابات الآباء : هي الشبع والغذاء الذي تستقي منه الكنيسة حياتها الروحية والنسكية، كما أنها مصدر سير الشهداء والقديسين في العصور الأولي للمسيحية.
5. حاجة الكنيسة إلى مراجع أرثوذكسية في مجالات كثيرة تحتاج إليها مثل اللاهوت العقيدي، الطقوس الكنسية ، التاريخ الكنسي والقانون الكنسي وتفاسير الكتاب المقدس وكل ذلك لا يتوفر الإ في كتابات الآباء.
** كيف وصلت إلينا أقوال الآباء وكتاباتهم:-
كما ذكرنا في المقدمة أن أول من أستعمل لفظ باترولوجي هو جون جيرهارد في القرن السابع
عشر ولكن قبل ذلك كانت جهود لكثيرين لجمع هذا التراث الآبائى الهام .
1. يوسابيوس القيصري ( 260 – 340 م ) : يلقب بابو الباترولوجيا ومؤسس نشر فكر الآباء وأقوالهم وهو أول من أعتني بجمع أسماء الآباء و أعمالاهم وأهم أفكارهم وذلك في كتابة الهام ( التاريخ الكنسي ) الذي نشر عام 326 م .
2. القديس جيروم ( 342 – 420م ) : وقد قام بنفس العمل في كتابه المشهور ( مشاهير الآباء ) والذي جاء في 135 فصلا .
3. القديس يوحنا كاسيان ( 360 – 435 م ) : والذي تتلمذ علي أيدي آباء مصر العظام وسجل خبراتهم في كتابين ( المناظرات مع آباء البرية Conferences ) و (Institute ) .
4. المؤرخ بالاديوس ( 365 – 425 م ) : وقد جاء إلى مصر ليتعرف علي نساكها وقد تقابل مع القديس ديدموس الضرير ووضع كتابه الهام الذي سجل فيه الفكر الرهباني ( فردوس الآباء ) ويلقب أيضا بكتاب ( التاريخ اللوزياكي ).
5. روفينوس ( Rufinus ) ( 345 – 410 م ) : وقد درس أيضا علي يد القديس ديدموس الضرير عدة سنوات ووضع كتابه ( تاريخ الرهبنة في مصر ) وهو الذي أتطلع بترجمة كتابات أوريجانوس ونشرها باللاتينية.
6. باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزى : وقد شغفا بالعلامة أوريجانوس وأخذا من كتاباته الكثير في كتابهما ( الفيلوكاليا ) ( حب الصلاح ).
7. القديس اثناسيوس : وعمله الشهير ( انطونيوس ) ثم تتالت بعد ذلك ترجمات أقوال الآباء عن اللغات القديمة التي كتبت باليونانية أو القبطية إلى اللغات الحية وذلك بعد ترجمتها إلى اللاتينية .
** لغة الآباء :-
نظرا لأن اللغة اليونانية هي لغة الأدب والثقافة والفلسفة في ذلك الوقت ، لذا كانت اللغة اليونانية هي اللغة الأساسية التي كتب بها الآباء وخاصة في القرون الثلاثة الأولي ، وعندم وضع بنتينوس ( عميد مدرسة الإسكندرية ) في القرن الثاني مبادئ اللغة القبطية
وهي آخر تطور للغة الفرعونية القديمة ( الديموطيقية ) بدأت حركة ترجمة هذه الكتابات الي اللغة القبطية وكان رائد هذه الترجمات القديس أكليمنضس السكندري تلميذ بنتينوس وازدهرت هذه الترجمات في القرن الثاني حتى القرن الخامس .
وبعد دخول العرب مصر وانتشار اللغة العربية وكان ذلك في بدايات القرن الثامن والتاسع بدأت حركة الترجمة الي العربية وكان أول من قام بذلك ساويرس ابن المقفع ( الكتابه باللغة العربية ) في القرن العاشر ورغم ذلك لم يمنع هذا من استمرار بعض الآباء بالكتابة باللغة القبطية وذلك حتى القرن الثاني عشر .
** أهم دور النشر التى قامت بنشر هذه الكتابات :-
أهم هذه المنشورات مجموعة ميني (Migne ) : وهي سميت علي اسم احد الآباء الرهبان في القرن التاسع عشر والذي أهتم بجمع كل كتابات الآباء التى نشرت بجميع اللغات حتى هذا التاريخ وهي عبارة عن مجموعتين :
1. مجموعة الآباء اللاتين : طبعة باريس ( 1844 – 1855 ) وتتكون من 221 مجلد
2. مجموعة الآباء الأغريق : ( وهي التي كتبت باليونانية ) طبعة ( 1857 – 1866 ) وتتكون من 161 مجلد .
وهناك مجموعات أخرى مثل :-
1. مجموعة الآباء الشرقيين Patrologia Orientals: نشرت في باريس ( 1907 ) في 28 مجلد.
2. مجموعة الآباء السريان Patrologia Syriaca نشرت في باريس ( 1894 – 1926) في 3 مجلدات.
3. مجموعة مصادر مسيحية Sources Chrétien's
4. مجموعة آباء نيقية Nicene Fathers
وهي ثلاثة مجموعات ما قبل نيقية The Ante Nicene Fathers
نيقية Nicene Fathers ما بعد نيقية Post Nicene Fathers
وهي أهم المجموعات المنتشرة في مصر لأنها باللغة الإنجليزية وأغلب المترجمين المصريين يستخدمونها.
** مراحل تطور التراث الآبائى :-
يقسم العلماء وخاصة كواستين ( Quasten ) المراحل التي مر بها التراث الآبائى بخمسة أقسام:

أ- بدأ الأدب المسيحي الآبائى :-
ويضم كتابات الآباء الرسولين القرن الأول ، القرن الثاني ، القوانين الرسولية ، الليتورجيا ، الكتب الابوكريفا وفصلها عن الكتاب المقدس ، أعمال قصص الشهداء ، المدافعين والرد علي الهرطقات .

ب – كتابات ما بعد ايريناؤس الي ما قبل نيقية ( 325 م ):-
ظهور مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ، ظهور آباء أسيا الصغرى ومدرسة إنطاكية"التفسير الحرفي" الأدب اللاتيني المسيحي كذلك شمال أفريقيا ترتليان والقديس كبريانوس وغيرهم.

ج – كتابات ما بعد نيقية حتى مجمع خلقيدونية ( 451 م ):-
ويسمى بالعصر الذهبي لكتابات الآباء الشرقيين ، البابا الكسندروس ، اثناسيوس الرسولي ، ديدموس الضرير ، البابا ثاؤفيلس – البابا كيرلس الكبير ...
ظهور كتابات مؤسس الحركة الرهبانية (انطونيوس– باخوميوس – مقاريوس المصري – بالاديوس اسيذورس – شنودة ).
وخارج مصر ظهر أيضا آباء عظام أمثال باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزي ، يوسابيوس القيصري، كيرلس الاورشاليمي، يوحنا ذهبي الفم كما تميز بظهور المؤرخين (سقراط – سوزومين).

د – آباء الغرب في القرن الرابع والخامس :-
القديس هيلاري، القديس امبروسيوس ، القديس اغسطينوس ، القديس جيروم ، القديس روفينوس،
القديس يوحنا كاسيان .

الكوتة القبطية

الكوتة القبطية

أثيرت كثيرا فى الاوساط السياسية والحزبية موضوع تمثيل الاقباط فى مجلس الشعب او الشورى وعند كل إنتخابات تشريعية يثار هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض وكذلك من يتهم الاقباط بالتخاذل والسلبية وتجنب الحياة السياسية والبحث عن الاخراويات فى رحاب الكنائس .
ولكن الرصد الصحيح والمنطقى يجب أن يبحث فى تداعيات الحياة السياسية للاقباط قبل الثورة وبعدها ، وهل للكنيسة تدخل فى هذا التوجه ام لا .
قبل الثورة نجد مشاركة فعالة من الاقباط فى الحياة السياسية وكثير من الاقباط خاض الانتخابات وفاز بالتمثيل فى المجالس النيابية والمذهل ان ينجح احد الاقباط فى دائرة يغلب فيها الاخوة المسلمون ويعتمد على سيرته وبرنامجه الانتخابى فينجح ويسقط المرشح المسلم المنافس له .
ونجد ان القبطى يصل حتى يصبح رئيس وزراء ورئيس المجلس النيابى .
والمذهل ايضا ان يشارك رجال الاكليروس فى الحياة السياسية مثل القمص سرجيوس واعظ وخطيب ثورة 19 .
ولكن بعد الثورة تغير الحال واصبح هناك توجس من رجال الثورة حيال الاقباط ونجد ضعف التمثيل القبطى فى المجالس النيابية ، فيلجأ بعض الروساء من قبيل تجميل الصورة تعيين اقباط فى المجلس ولكن هناك فرق كبير بين الانتخاب والتعيين .
ثم ننتقل الى مرحلة إنتشار الفكر الوهابى فى اواخر السبعينات حتى يتأصل هذا الفكر تماما فى اواخر القرن العشرين وبدايات هذا القرن ونصل الى مرحلة الفرز والتجنيب لكل ما هو قبطى ، ويصير كل شىء تحت عباءة الدين .
فنجد حتى الحزب الوطنى لا يرشح اقباطا على قوائمه خوفا من فشلهم فى مقابل تغلل الفكر الوهابى بين جميع فئات الشعب وخاصة البسطاء .
ونظرا للحراك الذى يشهده المجتمع المصرى حاليا نحو رفض هذا الفكر وفضحه وخاصة بعد التمثيل الاخوانى فى المجلس الحالى والذى بلغ 88 عضوا فى سابقة لم تحدث قبلا ، واصبح حتى الحزب الحاكم مهددا من قبلهم ، تعالت اصوات المثقفين والليبراليين والعلمانيين نحو فصل السياسة عن الدين وتشجيع كل فئات الوطن فى المشاركة فى الحياة السياسية ، المرأة ، الشباب ، الاقباط .....الخ
من هنا يتضح اهمية الكوتة بالنسبة للاقباط حتى ولو كانت مرحلة انتقالية حتى يستعيد المشهد السياسى عافيته وحيويته ويعود التمثيل للجدير به بغض النظر عن الجنس او الدين او المذهب السياسى .
ربما يكون تخصيص كوتة للمرأة هو من قبيل بالونة اختبار للاوساط السياسية ودفعا للحراك السياسى ان يطالب بالمثل للاقباط حتى تستقيم الامور وتعود الى نصابها الصحيح

الاثنين، 12 يوليو 2010

الدراما القبطية وترسيخ الفكر المعجزى


انتشرت فى الأونة الاخيرة انتاج الافلام الدينية القبطية والتى اهتم بانتاجها بعض الكنائس وبعض رجال الاعمال وخاصة اصحاب دور النشر والمكتبات المسيحية وبعد انتشار الفضائيات المسيحية كثر الانتاج لتغطية ساعات الارسال وهذا فى حد ذاته ظاهرة صحية حيث يتم استخدام ادوات الميديا فى نشر الفكر المسيحى والتعريف بالقديسين ومجاراة روح العصر لجذب اكبر عدد من المشاهدين بعيدا عن الافلام المخلة والخارجة عن القيم والتقاليد المسيحية .
ولكن النيات الطيبة لا تكفى وهنا مربط الفرس ، وأعتقد اننى سوف اخوض فى منطقة شائكة ولكن لا مناص .
عندما تنحصر اكثرية هذه الافلام فى سير القديسين وتركز على جانب واحد فقط فى حياتهم وهو المعجزة يجب تحليل هذه الظاهرة ومعرفة اسبابها ونتائجها وخاصة ان اغلب هذه الافلام فقير جدا فى ادوات الانتاج وفقير فى كل العناصر الابداعية ( الديكور – الملابس – الاكسسوار – التصوير – الاخراج ) .
هنا يجب ان نتوقف وندرس ونحلل ونحذر .
وقبل ان نسترسل هناك عدة اسئلة تساعدنا فى ايضاح ذلك ؟
• لمن تنتج هذه الافلام ؟
• ما الهدف من انتاجها ؟
• من يقوم بمراجعتها تاريخيا او عقائديا ؟
• ما الهدف من التركيز على الجانب المعجزى فقط ؟
• ما الهدف من التركيز على حياة القديسين التى زاع صيتهم فى صنع المعجزة ؟
تساؤلات كثيرة تطرح نفسها ونجد انفسنا بين رحى الحجر هل نتكلم فنتعرض للهجوم المعلب والتهم سابقة التصنيع ام نصمت ونتهم بالسلبية وننسحب من دورنا التنويرى الذى تفرضه علينا ثقافتنا وارتباطنا بالتراث الكنسى والآبائى والذى امضينا فى دراسته اكثر من ثلاثة عقود ونجد انفسنا ملامين من جهة الرب .
أولا : نبدأ بإلاجابة على الاسئلة السابقة .
• فى الغالب تنتج هذه الافلام للعامة والبسطاء .
• وتنتج من اجل دغدغة مشاعرهم بالمعجزات واعمال القديسين الخارقة .
• فى الغالب لا تتم مراجعتها ولو تم ذلك يكون عن طريق احد الرهبان المرتبطين بهذا القديس وفى الغالب لا يكون متخصصا .
• طبعا التركيز على الجانب المعجزى لكى يربط العامة بالقديس اكثر وتزيد مبيعاتهم من الصور والتماثيل وكتب المعجزات وكل المنتجات المرتبطة بهذا القديس وهذا يصب فى حساب المنتجين الذين هم اصحاب المكتبات ودور النشر .
• لقد تعلمنا فى مدارس الاحد ان القديس يجب ان يختفى خلف صورة المسيح التى يتمثل فيها القديس ويأوول كل فعل لمجد المسيح وليس مجد القديس .
• هناك قديسون كثيرون لهم جوانب اخرى كثيرة غير المعجزة مثل الكتابة فى اللاهوت والتاريخ والتأريخ والبناء والتعليم و......الخ لماذا يتم اغفال هؤلاء .
ثانيا : هل المعجزة هى الحل ؟
بالطبع لا فذلك يخلق جيلا متواكلا ، سلبيا ، ضعيفا ، منعدم الارادة ، ينتظر من يلقيه فى البركة لكى يشفى ، يترك تدبير حياته لهذا القديس او ذاك كل مشكلة ينتظر ان تحل بالمعجزة وفى خضم ذلك ننسى المسيح حتى يتوارى المسيح خلف القديس ... حاشا!!!
ونرجو مراجعة كتابات القمص تادرس يعقوب بخصوص المعجزة وضوابطها واهدافها ومضارها ايضا .
ثالثا : مشاهد من الافلام
• فى احد الافلام يتم التركيز على معجزة صنعها القديس وهى انتاج بلح نصفه احمر ونصفه اصفر !!!
• فى فيلم اخر وهو لاحد الباباوات يتم التركيز على ظهور البابا لاحد الاشخاص ثلاثة مرات للتأكيد على ارجاع محفظة وجدها هذا الشخص تخص شخص اخر فى هذه المحفظة شلن من البابا !!!
• هذا بخلاف ان اغلب القديسين إما يتصنعا الهبل والعبط او فى بساطة تقرب من الخبل !!!
• هذا ايضا بخلاف الرمل والاحذية والمتعلقات الشخصية التى اصتبغت بالقداسة !!!
هل هذا فى تقلدينا الكنسى ، هل هذا فى لاهوتنا الشرقى ، هل هذا هو ما نريد ان نوصله الى ابنائنا ، هل هذا تراثنا الذى وضعته مدرسة الاسكندرية ، واديرتنا التى افرزت الرهبنة التى انتشرت فى العالم اجمع .
وتبقى واقعة حصلت منذ ما يقرب من عشرين سنه عندما كنت بالكلية الكليريكية وكان هناك وفد من طلبة احدى كليات اللاهوت بالخارج وتسآءل احدهم لماذا تنتشر اخبار المعجزات فى منطقة الشرق الاوسط ؟
فكانت اجابتى كالتالى ، ان الشرق الاوسط وخاصة مصر كل شىء لكى يتحقق لا بد من معجزة .
لكى تنجح فى الثانوية العامة محتاج معجزة .
لكى تلتحق بوظيفة محتاج معجزة .
لكى تجد شقة لتكوين اسرة محتاج معجزة .
لكى تنال الشفاء من اى مرض محتاج معجزة .
لكى تنهى ورقك من اى جهة حكومية محتاج معجزة .
وزد على ذلك الان الحصول على الرغيف المدعم محتاج معجزة .
وأعتقد فى وقتها كانت إجابة مقنعة لهم .
ولكن يبقى السؤال هذه الافلام هل للبناء ام للتخدير والتسكين ام نقولها صراحة هى عمل تجارى بحت ؟؟ !!
ونلتقى فى المقالة القادمة عن أجساد القديسين ، ثم المعجزة بين الدلالة و التخدير .
الانتصار الكبير فى معركة الخنازير


تهنئة حارة لأعضاء مجلس الشعب على سرعة اتخاذ القرار بإعدام الخنازير
تهنئة حارة للسادة المحافظين على إجادتهم فى تنفيذ القوانين والارشاد عن مزارع الخنازير فى محافظتهم .
تهنئة حارة لوزارة الدخلية على تصديها لمحاولات تهريب الخنازير والامتناع عن تنفيذ قوانين إعدامها والامساك بتلابيب الشباب المتهور الذى يقاوم تسليم خنازيره وإعتقاله .
تهنئة حارة لمحافظ اسيوط الذى يفتخر بعدم وجود خنزير واحد فى محافظته .
تهنئة حارة لوزارة الزراعة التى جندت كل إمكانيتها لتنفيذ قانون إعدام الخنازير سواء بالحرق او بالذبح .
وتبا لك أيتها الحيزبون برجريت باردو على بياناتك ومواقفك العنيفة ضد ذبح الخنازير فى مصر
وتبا لك ايها الدكتور رئيس منظمة الصحة العالمية على إدانتك لما حدث فى مصر المحروسة
ولتذهب الى الجحيم كل منظمات الرفق بالحيوان التى تنتهك السيادة المصرية فى اعتراضها على إعدام الخنازير .
وعزيزى وزير الصحة ارجو ان تتقدم بإستقالتك لأنك لست على المستوى العلمى مثل السادة اعضاء مجلس الشعب ولم تبارك قرارتهم المصيرية فى معركة الخنازير .
ولا عزاء لنقابة الاطباء التى اصرت الصمت ولم تدلى بدلوها فى هذه المعركة .
ولأن شر البلية ما يضحك هيا بنا نضحك بعد ان ضن الزمن علينا بالضحك على هذه الكوميديا السوداء .
اما بعد ، هل يمكن ان تقوم لنا قائمة بعد كل هذا الهراء ، هل نستطيع ان نقف وقفة مع النفس ونستجمع بعض من شجاعتنا المفقودة ونعترف بما آلت اليه أخطاءنا من عشوائية وتخبط وارتباك
وماذا بعد ؟ هذا هو السؤال الذى يجب ان يزلزل كياننا ويجعلنا نفيق ولو للحظات قبل فوات الاوان .
( على الهامش ) كنت بالاسكندرية لحضور احد المؤتمرات بمكتبة الاسكندرية ووجدت نفسى اشتاق لركوب الترام ذو الدورين بخط الرمل وجاء جلوسى امام رجل كبير الى حد ما فى السن ويظهر عليه البساطة فى التفكير والمعيشة وإذ به يكلمنى بدون سابق معرفة ، انت عارف انفلونزا الخنازير هى ابتلاء من الله ولو دخلت مصر سوف تقضى على 18 مليون مصرى ، وامريكا واوربا واسرائيل هم السبب وربنا مش حيسبهم ، ولقد ارسل الله لهم ايران حتى تقف فى وجههم وتحمى العرب من بطشهم وربنا يحفظ ايران ويقويها لتصمد امام هولاء .
هل وصلت الرسالة .... البقية فى حياة الخنازير .
حتى لا ندمر فن الايقونة

خلال رحلات الجمعية إلى الأديرة والكنائس القبطية وفى أنحاء مختلفة من محافظات مصر انتشرت ظاهرة خطيرة ربما استرعت انتباه البعض وربما العكس ، ولكن اعتقد أنها ظاهرة يجب إيقافها وبسرعة .
هذه الظاهرة هي استعمال صور مطبوعة للعذراء وللقديسين والملائكة وبالطبع هذه الصور هي في الأغلب إيطالي والقليل روسي أو بيزنطي . والذي استرعى انتباهنا اكثر أن بعض هذه الصور دشنت وأصبحت تستعمل في الممارسات الطقسية الكنسية .
وليس هذا فقط بل دخل هذا المجال أيضا تقنيات الكومبيوتر المبهرة وهذا بالطبع يؤدى إلى تراجع فن الأيقونة الذي حافظت عليه الكنيسة قرابة 18 قرن . إن العالم كله يحاول انقاذ ما تبقى من أيقونات أثرية بمصر وهناك مشروع حيوي لترميم وتسجيل هذه الأيقونات ويشارك فيه نخبة رائعة من علماء القبطيات المصريين وغير المصريين ، وليس ببعيد عن أذهاننا ما تم في الكنيسة الأثرية بدير الأنبا انطونيوس وما قامت به البعثات الأثرية بأشراف هيئة الآثار المصرية من إعادة إظهار وترميم الفرسكات (الرسومات الجدارية) التي بالكنيسة وهى تعتبر من اجمل و اقدم الكنائس بالعالم وكأنها متحف يشهد عن عظمة الفنان المصري وكيف أن الفن وسيلة يربط بها الفنان الطقس بالعقيدة بالكتاب المقدس ، وللأسف هذا الفن تقريبا اندثر.
وفى مبادرة هي الأولى من نوعها قامت الجمعية بإقامة عدد من المعارض لفناني الأيقونة وكم لاقت هذه المعارض من استحسان وتقدير. ومن خلال هذه المعارض تقابلنا مع كثير من فناني الأيقونة مسلمين ومسيحيين أحسسنا بمقدار الغبن الواقع عليهم من تجاهلهم وتجاهل فنهم ذلك باستثناء قلة من الفنانين تعد على أصابع اليد الواحدة. ورأينا كم الأيقونات المكدسة لديهم حتى أن بعض الفنانين عرض تقديم هذه الأيقونات للكنائس والأديرة بتكلفتها مقابل استخدامها بهذه الكنائس .
إن الإنفاق على اقتناء الأيقونات ووضعها بالكنائس لا يقل أهمية عن الترميمات والتجديدات التي تتم بأغلب الكنائس والأديرة .
صرخة نطلقها من خلال الجمعية أنقذوا الأيقونات القبطية قبل الاندثار ومن جانب الجمعية فهي على استعداد لتكون همزة الوصل بين الكنائس والفنانين والمشاركة في أي عمل يعيد لفن الأيقونة مكانتها وازدهارها ، وإننا من منطلق حرصنا على ذلك نهيب برجال الاكليروس ومجالس إدارات الكنائس رفع الأيقونات المطبوعة واستبدالها بأعمال فنانينا المصريين حتى يستعيد فن الأيقونة مكانته السابقة .
وهناك مثالان صارخان لتدخل تقنيات الكمبيوتر فى رسومات الكنائس الاول فى كنيسة بمنطقة شيراتون مصر الجديدة والاخرى على طريق السويس الكيلو 30 ربما ينبهر العامة بمثل هذه التقنيات ولكن هل نسمح بتدمير فن الايقونة من اجل الانبهار المؤقت !!!
قرافة المتصوفة - آثار منسية


حبا الله مصر بتنوع حضارى وتراثى يندر ان يتواجد فى مكان آخر ولو وضعنا خريطة تضم آثار مصر خلال العصور المختلفة لن يخلو شبر من هذه الآثار سواء فوق الارض او تحتها .
وهذا التنوع لو أحسن إستغلاله تصير السياحة هى قاطرة التنمية فى مصر متفوقة على البترول.
فى سفح جبل المقطم وفى منطقة يصعب التعرف عليها أو الوصول اليها ووسط مقابر الغفير تقبع منطقة تضم بين جنباتها آثار أقطاب التصوف فى مصر والغريب أن تحتوى هذه المنطقة على عناصر مختلفة ومتباينة بين قرافة ومسجد وبيت وقبة بخلاف مساجد لطائفة البهرة ويطلق على هذه المنطقة القرافة الصغرى وكذلك قرافة المتصوفين .
الصوفية هى رافد مصرى أصيل نشأ على يد ذو النون المصرى مؤسس وواضع بذرة التصوف فى مصر ومنه انتقلت الى سائر البلاد العربية كان لدى ذو النون المصرى ثقافته العلمية وأيضاً الدينية والروحية وتشير أغلب المراجع إلى أثنين تعلم وتتلمذ على أيديهما وهما إسرافيل وشقران العابد ويرجح أن إسرافيل هذا كان احد معلمى الغنوسية وقد تطرق هذا الصوفى إلى موضوعات كثيرة مثل النفس الإنسانية – الأخلاق البشرية – الجبر والأختيار – المعانى الروحية فى مناسك الحج – الأخوة فى الله – علم الباطن وحقيقته – المعرفة وسبيل الوصول اليها – المحبة الإلهية – المحبة والمعرفة .
هذا المتصوف جذب كثييرين مثل ابن الفارض الملقب بسلطان العاشقين وكذلك شاهين الخلوتى وغيرهم كثير مما جعل منزل ذى النون المصرى قبلة لكل المتصوفة وبعد وفاته أوصى كثير من المتصوفة بالدفن فى هذا المكان .
ثم ذاع صيت هذه المنطقة أكثر وجذبت ايضا طائفة البهرة الذين حرصو على التواجد فى هذا المكان وأقاموا عدة مساجد لهم .
كان لا بد من هذه المقدمة حتى نتعرف على الخلفية التاريخية هذه المنطقة وأهميتها
قبة ابن الفارض
في سفح جبل المقطم يقع مسجد سلطان العاشقين عمر بن الفارض الذي يحتفي به الصوفيون كثيرا.. فصاحبه عمر بن الفارض ، وهو واحد من كبار الشعراء الصوفيين ويحفل بشعره الشعراء والدارسون ويصف بعضهم ديوانه بأنه أرق الدواوين شعرا.
وقد توفي في سنة 632 هجرية "1235م" .. ودفن بالمقطم.. وبعد أكثر من قرنين من الزمان.. وفي سنة 865 هجرية "1460م" أقام الامير برقوق الناصري الظاهري قبة علي قبره.. وهي قبة صغيرة مبنية بالحجر. أقيمت علي أربعة عقود مفتوحة وسطحها محلي بالنقوش وتتميز هذه القبة بالمقرنصات التى فى الاركان الاربعة للقبة ومع القبة كان المسجد الذي جدده بعد ذلك بثلاثة قرون تقريبا في سنة 1173 هجرية "1759م" أمير اللواء السلطاني علي بك قازدغلي امير الحج.. وبقايا هذا المسجد تضم عمودين حجريين ومحرابا حجريا ودكه للمبلغ وبقايا منبر.. وعلي جزء من أرض هذا المسجد القديم انشأ المسجد الحالي ابنة الخديوي اسماعيل الأميرة جميلة فاضيلة هانم عمة الملك فاروق في سنة 1307 هجرية "1889م" وجعلته مسجدا مستطيلا تحمل أسقفه أربعة أعمدة حجرية وله محراب ومنبر يتميزان بالبساطة وألحقت به حديقة صغيرة ، ولكن حال هذه المجموعة المعمارية قد تغير كثيرا فطالت يد التجديد هذه القبة الرائعة وتم دهانها من الداخل بالوان بعيدة تماما عن روح الاثر ونجد الوان ذهبية واصفر واسود وموف مما افقد هذه القبة جلالها وجمالها المعمارى .
قبة الخلوتى
تقع جنوب قبة عمر بن الفارض بسفح المقطم وكان يوجد فوق باب القبة لوحة من الرخام عليها كتابة نصها ( بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا الجامع وأوقفه العبد الفقير إلى الله تعالى جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله شاهين الشيخ الخلوتى افتتح عام 945 هـــــ ويوجد كتابة أخرى منقوشة في داخل القبة ذكر تاريخ تجديدها سنة سبع بعد الألف
وتحت رقم ‏212‏ تم تسجيل جامع شاهين الخلوتي في سجلات الآثار باعتباره واحدا من أهم معالم مدينة القاهرة القديمة‏ ,‏ وقد جاء ذكر هذا المسجد في كتاب علي بك مبارك‏(‏ الخطط التوفيقية‏)‏ ووصفه بأنه يقع بسفح المقطم ويصعد إليه بمزلقان وبه أربعة أعمدة من الحجر وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف يكتنفها عمودان من الرخام ومنبر خشبي ودكة قائمة علي عمود من الرخام وتتمثل ملحقات المسجد في مساكن وخلوات للصوفية ومقابر منحوتة وبعضها مبني وصهريج للماء وبيت خلاء‏,‏ بالإضافة لمجموعة من المغارات المنحوتة في الصخر علي مستوي واحد أو علي مستويات مختلفة من الجبل وكان يتصل بعضها ببعض بأنفاق ويتم الوصول إليها بدرجات منحوتة في الجبل .
وبالرغم من ان هذا الاثر مسجل إلا ان حالته متدهورة جدا ولم يبقى منه سوى المأزنه والحائط الجنوبى وأصبح على وشك الانهيار ولم يعد هناك مسلك للصعود اليه بعد ان حاصرته المدافن الحديثة .
قبة الاسباط
وهى تجاور منزل ذى النون المصرى وتشير المصادر التاريخية ان اخوة يوسف مدفونون تحتها ويجاور هذه القبة مقعد من دورين عبارة عن عدة حجرات مغطاه بقبوات متقاطعة وبها محراب مزين بزخارف نباتية يشهد على عظمة الفنان الذى قام بإعداده وهى فى مجملها غاية فى الروعة والفن المعمارى المتميز ، ولكن للاسف صارت مقلب زبالة كما تهدمت بعض اسقفها .
قبة جميلة هانم
وهى التى اهتمت بقبة ابن الفارض وكما ذكرت سابقا فهى عمة الملك فاروق ويحيط بها سور وحديقة ولها باب خشب اثرى وللاسف ايضا اصبحت فى حالة يرثى لها بخلاف تربية الدواجن التى يقوم بها حراس المدفن مما جعل المنطقة فى غاية السوء .
مسجد اللؤلؤة ( ملكية خاصة )
وهومسجد اثرى ينتمى لطائفة البهرة وترجع تسميته بذلك لانه عند إضاءته مساء يصير مثل اللؤلؤة وسط الجبل ولكن الغريب أن المسجد أغلق فى وجوهنا ومنعنا من زيارته لانه حسب تعليقهم هو مسجد خاص ولا يدخله سوى البهرة .
يعوزنى الكثير حتى اسرد كل المعالم الاثرية فى هذه المنطقة ولكن اكتفى بهذا القدر لافتا ان هذه المنطقة تتعرض للتدمير والاختفاء وهذا سوف يكون فى غضون مدة قصيرة .
لذا اناشد الدكتور زاهى حواس - الذى غير خريطة مصر الاثرية والسياحية ويكفيه فخرا شارع المعز لدين الله الذى اصبح متحفا مفتوحا يشهد على عظمة التاريخ المصرى والعمارة الاسلامية – ان يولى هذه المنطقة الاهتمام لتعود رافدا مهما للسياحة الدينية وخاصة ان عشاق التصوف منتشرون فى العالم اجمع وخاصة المستشرقين المغرمين بفكر ذى النون المصرى ومريديه .
واقترح ايضا بعد اعداد هذه المنطقة للزيارة عمل مؤتمر عالمى عن التصوف والعمارة الصوفية ورموزها ويكون تحت رعاية الدكتور زاهى حواس .
ملاحظة هامة :
المنطقة تعانى قصور امنى شديد حيث هرع الينا بعض افراد الامن محذرين ايانا من التجول بمفردنا فى هذه المنطقة .
علامات مضيئة فى القرن الثامن عشر

لا يأتى ذكر القرن الثامن عشر وخاصة تحت الحكم العثماني إلا ونتذكر مدى ما وصلت إلية مصر من سؤ الأحول على جميع المستويات فلم يكن هم للولاة سوى استنزاف أموال الناس بأية طريقة كانت وبدون استثناء ولم يفرقوا بين مسلم وقبطي ، رجل أو امرأة ، وحتى رجال الدين والرهبان لم يسلموا من شرهم .
وفى هذا العصر انتشرت الضغائن بين المماليك وكذلك بينهم وبين الوالي ولم يكن يمر يوم حتى يسمع عن قتل أحد الأمراء او موت أحد المماليك مسموما
ويرغم هذا السواد الحالك وتفش الجهل و المرض والفقر يبزغ نجم مصرى أصيل يبدد هذا الظلام ويؤكد أن مصر ولادة ينتزع إعجاب الجميع واحترامهم ويكتسب ثقة الولاة والمماليك حتى يصير بدرجة رئيس وزراء على أيامنا هذه .
هذا النجم هو ابراهيم الجوهري
نشأة ابراهيم الجوهري
ولد ابراهيم الجوهري بإحدى قرى قليوب من أبويين فقيرين . وكان والده هو يوسف الجوهري يعمل بالخياطة وهى تعتبر من أهم الحرف التى يمتهنها الاقباط بعد الجواهرجية فى ذلك الحين .
وبالرغم من هذه البيئة الفقيرة إلا ان والده يوسف الجوهرى أصر على تعليمه فأرسله إلى كتاب قريته لتعلم الكتابة والحساب وتكشفت بسرعة مواهب ابراهيم الجوهرى فى الكتابة والحساب حتى انه صار من ابرع من يتولى نسخ الكتب وخاصة الكتاب الدينية، فكان يرسل بعض ما قام بنسخة الى البابا فى ذلك الوقت ( يوحنا الثامن عشر البابا 107 ) .
فكانت هذه النسخ سببا فى تقربه الى البابا وجعلت البابا يتوسط له عند المعلم رزق رئيس كتاب على بك الكبير فعينه أولا كاتبا عند أحد أمراء المماليك ، ثم بعد ذلك أخذه كاتبا له .
استمر على هذا الحال حتى ظهر نجم محمد بك ابو الذهب وكان أحد مماليك على بك الكبير فقام عليه وقتله ، فعزل المعلم رزق من وظيفته وقيل أنه قتله لأنه كان يدين بالوفاء لعلى بك الكبير .

رئيس كتاب مصر
بعد ذلك تولى ابراهيم الجوهرى منصب المعلم رزق فصار رئيسا للكتبة وظل فى منصبة حتى ولاية ابراهيم بك .
وقد أشتهر بالكياسة والتواضع والذكاء الشديد خاصة فى الأمور السياسية ، فحظى باحترام الجميع وحبهم ونال ثقة ابراهيم بك وحبة حتى صار رئيس كتاب القطر المصرى ( تعادل حاليا رئيس الوزراء )
شهدت البلاد على يد المعلم ابراهيم الجوهرى فى فترة ولايته لرئاسة كتبة مصر تحسنا ملحوظا فى علاقة الوالى بالشعب فحاز على حب الجميع المسلمين والأقباط وانعم الله علية بخير كثير فوهب كثير من أملاكه للكنائس والأديرة من هذه الأوقاف 238 مستند موجودة بمكتبة البطريركية .
وانعكس حب ابراهيم بك لإبراهيم الجوهرى فى التحسن الملحوظ لعلاقة الوالى بالأقباط ، ففى عهدة تمت إصلاحات كثيرة للكنائس وبناء كنائس جديدة كذلك امتد التعمير الى الأديرة والاهتمام بأحوال الرهبان .
واغلب الكنائس بمصر القديمة ومنطقة حارة زويلة والسقايين لم تخل من توسعات على يديه وكذلك الموافقة على بناء الكنيسة المرقسية بالازبكية ولكن لم يمهله القدر لحضور افتتاحها .
ولهذه الموافقة قصة فقد تصادف وصول أخت السلطان الكامل قادمة من القسطنطينية الى مصر قاصدة الحج ولكونه من ذوى الشأن فتم تكليفه بمرافقتها أثناء زيارتها لمصر فقام برعايتها وأشرف بنفسه على كل شئونها وفى توديعها قدم لها الكثير من الهدايا .
فأرادت مكافأته على خدمته ، فسألته عما يرغب فيه ، فالتمس منها إصدار فرمان سلطاني لإنشاء كنيسة الازبكية حيث كان يسكن .
كما التمس منها رفع الجزية عن الرهبان فوافقته على طلبه وتم إصدار فرمان سلطانى بذلك .
موائد الوحد الوطنية
ومن مأثرة ايضا أنه أول من أقام موائد الوحدة الوطنية وموائد الرحمن فقد دأب على إعداد موائد فى شهر رمضان للفقراء والأرامل والأيتام وتدبير كسوة للعائلات المحتاجة ولم يفرق فى ذلك بين مسلم وقبطى .
هروب ابراهيم الجوهرى
وفى عام 1787م أرسلت الدولة العثمانية فى عهد السلطان العثمانى عبد الحميد حملة عسكرية تأديبية لمصر بقيادة حسن باشا قبطان وذلك بعد محاولة ابراهيم بك ومراد بك الاستئثار بحكم مصر .
فهرب ابراهيم بك ومراد بك الى الصعيد واضطر المعلم ابراهيم الجوهرى الى مرافقتهما .
وفى أثناء ذلك تعرض المصريين لكثير من الظلم والعدوان ونال الاقباط الحظ الوفير من تلك الاضطهادات ، وهربت زوجة ابراهيم الجوهرى واختفت عند حسن كتخدا الذى كان لإبراهيم زوجها مآثر كبيرة عليه ولكن بعض ضعفاء النفوس ارشدوا عن مكانها لدى حسن باشا ، فأحضرها واجبرها على الاعتراف بأماكن ثرواتهم ، فاستولى على كثير من الذهب والفضة وكل المقتنيات الثمينة .
العودة مرة اخرى
وبعد انتهاء حملة حسن باشا قبطان ، رجع الأمير ابراهيم بك ومراد بك من الصعيد ورجع معهم ابراهيم الجوهرى وعاد إلى نفس وظيفته وسلطاته السابقة ولكنه لم يستمر اكثر من أربع سنوات .
وفى 31 / 5 / 1795 انتقل المعلم ابراهيم الجوهرى ودفن بمقبرته بكنيسة مار جرجس بمصر القديمة ، وقد حزن ابراهيم بك لوفاته كثيرا حتى انه أصر على السير فى جنازته ، وهى حادثة غير مسبوقة فى مصر فى العصر العثمانى .

قالوا عن ابراهيم الجواهرى
قال عنه الجبرتى المؤرخ الشهير والمعاصر له : " انه أدرك بمصر من العظمة ونفاد الكلمة وعظيم الصيت والشهرة ، مع طول المدة بمصر ، ما لم يسبق من أبناء جنسه ، وكان هو المشار أليه فى الكليات والجزئيات ، وكان من دهاقين العالم ودهاتهم ، لا يغرب عن ذهنه شيء من دقائق الأمور ، ويدارى كل إنسان بما يليق به من المدارة ، ويفعل بما يوجب من انجذاب القلوب والمحبة إليه .
وعند دخول شهر رمضان ، كان يرسل الى اغلب أرباب المظاهر ومن دونهم الشموع والهدايا ، وعمرت فى أيامه الكنائس والأديرة ..."
وقال الأنبا يوساب الشهير بالابح أسقف جرجا واخميم : " انه كان محبا لكل الطوائف ، يسالم الكل ، ويحب الجميع ، ويقضى حاجات الكافة ، ولا يميز احد فى قضاء الحق ..."
يعوزنا الكثير حتى نفى هدا الرجل حقه ولكنها شمعة صغيرة نضيئها عرفانا لهدا الرجل .
صوم العقل
فى القرن العاشر الميلادى عاش القديس صفرونيوس وكان رئيس دير المبتدئين بجبل الطير سمالوط بالمنيا وله عدة رسائل خصها لتلاميذه المقبلين على الرهبنة واحدى هذه الرسائل رسالة بأسم صوم العقل تعتبر من الرسائل المتفردة فى التأمل حول الصوم وقد نشرت فى عدة طبعات ( دار فيلوباترون للترجمة والنشر ) وسوف أعرضها فى أختصار موضحا أهم الافكار بها
يتسائل القديس صفرونيوس لماذا نصوم ؟
ويرد فى عدة نقاط موضحا الاتى :
• الصوم ليس إرضاء لله لأن إرضاء الله يكون بالتوبة وتقديم الجسد ذبيحة عقلية .
• الصوم من اجل جحد الذات .
• الصوم من اجل التشبه بالابن الذى بذل نفسه وهو بداية الطريق للبذل الروحى والجسدى
صوم العقل
• الفكر هو العطية الأولى للإنسان من الله التى ميزت الانسان عن باقى المخلوقات .
• العقل سيد الجسد ومنه يصير الجسد متعقلا او تنعكس الى جسد سيدا للعقل .
• الإنقطاع عن الطعام لا يكفى وإنما تجديد الفكر ونقاء المخيلة هو الذى يجعل الانسان صائما بالحق .
• لماذا الانقطاع عن الطعام ونحن مطالبون بصوم العقل ، يجيب القديس الانقطاع عن الطعام هو الدرجة الادنى من الصوم ، إنه مثل من يلبس ملابس مهنته لكى يعمل بعد ذلك ما هو مطلوب منه فى هذه المهنة ، وهكذا من ينقطع عن الطعام ولا يصلى ويعتكف يكون كمن حمل السيف والدرع وسار للتنزه .... وهذا الانسان لا يستفيد شىء ، ولا يجىء ثمر صومه إلا فى الدرجة الأدنى وهى تجديد القدرة الطبيعية للإرادة الانسانية للإبتعاد عن أنواع الطعام التى يفضلها .
• صوم العقل هو ان تطلب الأمور السمائية .
• الأنقطاع عن الطعام دون طلب نعمة ربنا يسوع ، ودون إخلاء الذات هو صوم الامم
• صوم العقل يقود الى رؤية ومعاينة الله والعقل يصوم بالفضيلة لأنها تقربه من إدراك الله

الأحد، 11 يوليو 2010

التأثيرات المتبادلة بين التصوف والرهبنة المصرية


تعريف الصوفية :-
أن هناك تعريفات كثيرة للتصوف وفى مجال البحث التاريخى يجىء ( جرجى زيدان ) الكاتب اللبنانى
- فيعقد صلة بين الكلمة العربية ( تصوف ) والكلمة اليونانية ( سوفيا ) فيقول : أنها مشتقة من لفظة يونانية الأصل هى ( سوفيا ) ومعناها الحكمة فيكون الصوفية عند جرجى زيدان قد لقبوا بذلك الأسم الذى عرفوا به نسبة إلى ( الحكمة )
- كما ينسبون إلى الحسن البصرى قوله : ( أدركت سبعين بدريا كان لباسهم الصوف ) ويبدو أن لتأثير الرهبنة المسيحية التى كان فيها الرهبان يلبسون الصوف وهم فى أديرتهم كثرة كثيرة من المنقطعين لهذه الممارسة وقد ذكر الكندى أن التصوف عرف بمصر منذ سنة 200 هجرية ، أى قبل مرحلة تطور ظاهرة التصوف بأكثر من مائة عام ويشير ذلك إلى ذو النون المصرى المتصوف . – ويقول المستشرق والمتخصص فى الدراسات الصوفية فون كريمر هذا النوع من النساك هو نمو عربى محلى ، تطورت به مؤثرات مسيحية تعود فى تاريخها إلى ماقبل الإسلام ونحن نعرف إن الرهبانية المسيحية كانت معروفة عند العرب فى البلدان الواقعة على تخوم الصحراء السورية وفى صحراء سيناء كذلك عند شعراء العصر الجاهلى كما فى بيتى امرىء القيس التاليين :
أصاح ترى برقا أريك وميضه كلمح اليدين فى حبى مكلل يضىء سناه ، أو مصابيح راهب أمال السليط بالذبال المقتل وهكذا فإن حركة الزهد المبكرة تعكس طابع القناعة الشديدة المصطبغة بالتعفف عن التباهى بالثروة أو الإنغماس فى الملاذ كما تتسم بالبساطة المتناهية فى العيش والتى هى نوع من الفقر الإدارى . نشأة الصوفية :- لاجدال أن ذو النون المصرى هو أحد الرواد والمؤسسين للفكر الصوفى فى مصر وقد ذكرت أكثر المراجع أنه توفى سنة 856 م عن عمر يناهز تسعون عاماً . اسمه ثوبان بن إبراهيم العربى وتسميته بذى النون تعود إلى قصة مشابه لقصة يونان النبى مع الحوت
( يونس ) – إذ يروى عنه " أن امرأة قد أتته وقالت له أن ابنها أخذه التمساح فلما رأى حرقتها على ولدها أتى النيل وقال : اللهم اظهر التمساح ، فخرج إليه التمساح ، فشق جوفه وأخرج ابنها حيا صحيحاً " وهو من أصل نوبى ونزح إلى أخميم وعاش فيها ويقال انه قد برع فى اللغات فقد اجاد اللغة الهيروغليفية والقبطية والسريانية وقد أنتقل كثيراً ليس فى داخل مصر فقط بل فى خارجها ايضا فزار وادى سيناء والقدس وبغداد ومكة والشام وأختلط بكثرين من الرهبان بداخل مصر وخارجها
1.
- وإن أتجهنا غرباً نجد محى الدين بن عربى العالم والحكيم والصوفى والفقيه والشاعر وهو من بلاد الأندلس ( 1171 – 1249 م ) . - وقد قام بجولة كبيرة لطلب العالم فزار بلاد الأندلس والمغرب العربى ومصر والشام والحجاز وفى مصر تأثر بالتفسير الرمزى للكتاب المقدس فقام بتفسير القرآن بطريقة رمزية . - وشرقاً نجد علماً من أعلام التصوف وهو الحلاج المتوفى عام 920 م وهو ايضاً زار كثير من البلاد ومنها مصر - أما بالنسبة للحلاج ، فالإنسان عنده ( إلهى ) فى الأساس ، إذ أن الله صنعه على صورته ومثاله وأنه هو نفسه العرش واللوح المحفوظ والقلم والكلمة . - وظهر فى القرن الثالث عشر الميلادى أيضاً جلال الدين الرومى ( المتوفى عام 672 هجرية ) والذى يكمل فى الحقيقة العصر الذهبى للتصوف وهكذا فإن مذاهب التصوف تبدأ بذى النون وتنتهى بجلال الدين ويستخلص من هذا ان الصوفية لم يجدوا حرجا فى الأستماع إلى مواعظ الرهبان واخبار رياضتهم الروحية والأستفادة منها ، ونحن نجد فعلاً كثيراً من أخبار رياضات الرهبان وأقوالهم فى ثنايا كتب الصوفية المسلمين وطبقات الصوفية . - إن الممارسات الصوفية على أختلاف مشاربها وطرائق شيوخها ، قاعدة هرم قمته الإعتقاد بعقائد وحدة الوجود والحلول والأتحاد ووحدة الشهود ، تلك العقائد التى أقتبس فلسفتها ومقوماتها وشعائرها ومعتقداتها ونقلها الى بلاد المسلمين : أمثال ذو النون والحلاج وابن عربى وابن الفارض . ومن ثم هذه العقائد هى الغاية العظمى والهدف البعيد لمعظم الذين قطعوا أشواطهم التاريخية فى ساحات التصوف . نماذج من كتابات المتصوفة : هناك الكثير من كتابات المتصوفة تدل دلالة قاطعة على تأثر المتصوفة بالفكر الروحانى القبطى وسوف نورد هنا نموذجين فقط أولا : من خارج مصر : محى الدين بن عربى ثم نصوص من أقوال ذو النون المصرى ومدى تاثره بكتابات معلمى مدرسة الإسكندرية اللاهوتية . بذى سلم والدير من حاضر الحمى ظباء تريك الشمس فى صور الدمى فارقب أفلاكا وأخــدم بيعـــة وأحرس روضاً بالربيع منمنـــاً فوقتا أسمى راعى الظبى بالفــلا ووقتا أسمى راهبــــاً ومنجما تثلث محبوبى وقد كـــان واحدا كما صيروا الأقنام بالــذات أقنما فلا تنكرن ياصاح قــولى غزالة تضىء لغزلان يطفن على الدمـا فللظبى أجياداً وللشمس أوجهــا وللدمية البيضاء صدرا ومعصمـا ثانياً : ذو النون المصرى : مؤسس وواضع بذرة التصوف فى مصر ومنه انتقلت غلى سائر البلاد العربية كان لدى ذو النون المصرى ثقافته العلمية وأيضاً الدينية والروحية وتشير أغلب المراجع إلى أثنين تعلم وتتلمذ على أيديهما وهما إسرافيل وشقران العابد ويرجح أن إسرافيل هذا كان احد معلمى الغنوسية وقد تطرق هذا الصوفى إلى موضوعات كثيرة مثل النفس الإنسانية – الأخلاق البشرية – الجبر والأختيار – المعانى الروحية فى مناسك الحج – الأخوة فى الله – علم الباطن وحقيقته – المعرفة وسبيل الوصول اليها – المحبة الإلهية – المحبة والمعرفة مذهبه الفلسفى : يمكن تلخيص مذهبه فى ثلاث نقاط الطريق إلى الله – المعرفة – المحبة وهذا التدرج هو ما أتبعه أكليمنضس السكندرى فى كتاباته وخاصة الثلاثية التى نقدمها بشىء من التفصيل فإن كتاب أكليمنضس الأول وهو نصح للوثنين يقود إلى معرفة الطريق إلى الله والثانى يقود إلى المعرفة أما العمل الثالث وهو المتفرقات فهو يرفعنا إلى درجات عليا من المحبة تقودنا إلى كمال معرفة اللاهوت ومن الأقوال التى تنسب إلى ذو النون توضح هذا المذهب نورد الآتى - ( عرفت ربى بربى ، ولولا ربى ما عرفت ربى ) - ( إلهى ما أصغى إلى صوت حيوان ولا حفيف شجر ولا خرير ماء ولا ترنم طائر ولا تنعم ظل ولا دوى ريح ولا قعقعة رعد إلا وجدتها شاهدة بوحدانيتك دالة على انه ليس كمثلك شىء .... إلهى لا تترك بينى وبين أقصى مرادك حجابا إلا هتكته ولا حاجزاً إلا رفعته ولا وعرا إلا سهلته ولا بابا إلا فتحته حتى تقيم قلبى بين ضياء معرفتك وتذيقنى طعم محبتك وتبرد بالرضى منك فؤادى وجميع أحوالى حتى لا أختار غير ما تختاره وتجعل لى مقاما بين مقامات أهل ولايتك . وفى حديث له عن كيف أن الرهبان يطلبون المغفرة والرحمة قبل الوقوع فى الخطيئة ( إن من القلوب قلوباً تستغفر قبل أن تذنب – قلوب تثاب قبل أن تطيع أولئك أقوام أشرقت قلوبهم بضياء روح اليقين ، فهم قد فطموا النفوس من روح الشهوات ، فهم رهبان من الرهابين ، وملوك فى العباد ، وأمراء فى الزهاد ، للغيث الذى مطر فى قلوبهم المولعة بالقدوم إلى الله شوقاً ) - طوبى لمن كان شعار قلبه الورع - طوبى لمن تطهر ولزم الباب ، طوبى لمن تضمر للسباق ، طوبى لمن أطاع الله أيام حياته - لله عباد تركوا الذنب استيحاء من كرم بعد أن تركوه خوفاً من عقوبته ولو قال لك أعمل ماشئت فلست أخذك بذنب ، كان ينبغى أن يزيدك كرمه استحياء منه . - كان الرجل من أهل العلم يزداد بعلمه بغضاً للدنيا وتركا لها واليوم يزداد الرجل بعلمه للدنيا حباً ولها طلباً ، وكان الرجل ينفق ماله على علمه واليوم يكسب الرجل بعلمه مالاً . – يامن لا تمل حلاوة ذكره ألسن الخائفين ، ولا تكل من النظر إليه مدامع الخاشعين - المخدوع من ينظر إلى عطاياه ( الله ) فينقطع بالنظر إليه بالنظر إلى عطاياه - تعلق الناس بالأسباب وتعلق الصديقون بولى الأسباب . هناك الكثير من أقواله ولكن سنكتفى بأخر تعليق وخاصة التى تتعلق بالإنسان الذى وصل إلى كمال المعرفة ( الغنوسية الحقة عند أكليمنضس ) وهو يشبه بالإنسان الذى أنار الله عليه بعلمه ( الإنسان المستنير عند أكليمنضس السكندرى )
أثر اللغة القبطية فى اللغة العربية



اللغة كائن حى يولد وينمو ويشب ويدخل فى طور الشيخوخة وقد يندسر تماما ، فهناك لغة حية ولغة ميتة) كالاتينية ) اندثرت .
واللغات كألامم والجماعات يتأثر بعضها البعض ، قد تتمازج وتنصهر فيما بينها ، وجميع اللغات على المستوى العالمى منها ما هو رسمى و منها ما هو شعبى و منها ما هو أصيل و منها ما هو دخيل .. والامثلة على ذلك كثيرة .
ودائما يتفرع عن اللغة عدة لهجات وذلك يرجع لعوامل بيئية أو جغرافية وقد تقوى لهجة عن الاخرى أو لغة عن الاخرى لتخرج من الحيز المحلى الى الحيز العالمى كالانجليزية حاليا وذلك يخضع فى المقام الاول لعوامل اقتصادية وسياسية .
والناظر الى اللغة العربية الفصحى فى اساسها كانت عبارة عن عدة لهجات وفقا للقبائل العربية نجد انها توحدت الى لهجة واحدة هى الفصحى الرسمية) وهى لهجة قبيلة قريش ) .
ويرجع ذلك طبعا لوضع قبيلة قريش فهى التى تستقبل الحجاج لبيت الله الحرام وتحكمها فى طريق المواصلات والتجارة ، مما رفع مكانتها بين القبائل ، والقرآن الكريم نزل بلهجة قبيلة قريش .
أما اللغة القبطية وهى اللغة المصرية القديمة والتى تكلم بها سكان وادى النيل منذ ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد وحتى القرن السابع عشر الميلادى .
وعند دخول العرب مصر ، حدث عملية الانصهار والذوبان فى شتى مظاهر الحياة وحتى فى اللغة نفسها ، وعندما ننظر الى كل من اللغة العربية الفصحى والقبطية الأصلية ، لا نجدهما سوى فى النصوص الدينية والادبية والحيز الرسمى .
أما لغة الواقع والحياة فنجد لهجات متعددة ( سعودى _ يمنى _ مغربى _ بدو ( ...
اما اللغة المحلية التى نستعملها نحن ابناء مصر فهى مزيج كامل من اللغة العربية واللغة اللقبطية وهى اللغة العامية المصرية التى تكونت بمرور الزمن من الالفاظ القبطية والعربية مع وجود بعض الالفاظ اليونانية والتركية والفارسية .
ولنا وقفة تحليلية من الواقع الفعلى للغة التى نتعامل ونتكلم بها والتى تسيطر عليها اللغة القبطية وخاصة فى بلاد الصعيد والفيوم والبحيرة وذلك على مستوى الحروف ومخارجها والقواعد النحوية والصرفية والألفاظ .
اولاً : على المستوى الحرفى والنطقى ( الصوتيات ) .
هناك بعض الحروف العربية تختفى فى النطق لعدم تواجدها فى اللغة اللقبطية مثل حرف الثاء الذى تحول الى تاء مثل ( اتنين ، تلاتة ، تعبان ، توم .... )
وايضا حرف الذال وحرف الظاء يتحولان الى ( د ) ، ( ض ) مثل ( ديب ، دبلان ، ضهر (....
وتختفى الهمزات وتتحول الى ( ي ) مثل ( نايم ، دايم ، قايم .... )
ويتحول حرف القاف الى الف مهموزة فى وجه بحرى والى ( ج ) جافة فى وجه قبلى لعدم وجوده فى اللغة القبطية مثل أميص ، أو جميص ( قميص ....(
ثانياً : المستوى النحوى والصرفى
أسماء الاشارة فى اللغة العربية هذا ، هذه ، هذان ، ... ( أصبحت ( دا ، دى ، دول .
ويأتى أسم الاشارة قبل الاسم بينما فى القبطية يأتى بعده ( الولد ده ، البنت دى .....)
أما الاسماء الموصولة الذى ، التى .... لا تستخدم الا اداة واحدة للجميع ) اللى )
لا بوجد فى اللغة العربية المضارع المستمر ، ولكن مع اللغة القبطية وضع حرف الباء مثل ( بيشرب ، بياكل ، بتلعب ، ( ..... وأختفت صيغة المثنى وكذلك علامات الاستفهام ( هل جاء مينا = مينا جه ؟ (
ثالثا : التراكيب اللغوية والتعبيرات
للتعبير عن الحزن نستعمل لفظ ( حاجة توجع القلب ) ، وأداه التخيير ( أو ) نستعمل جملة ( يا ده يا ده ) و ( وحوى يا وحوى اى يوحا ) والتى تقال فى رمضان ، وتعنى ( يا شيخ ياشيخ بص للقمر) بتصرف .
ومن خلال تجربة الخليل بن احمد الفراهيدى اثناء تجوله فى سوق النحاسين وضع علم العروض ، فعلم اللغة مثله مثل العلوم العملية يحتاج الى معمل للصوتيات ، وايضا يحتاج الى ابحاث تجريبية من حصر الالفاظ والتراكيب من خلال اللغة الحية التى ننطقها .
صحراء المماليك وجماليات العمارة الاسلامية



على طريق صلاح سالم وامام مشيخة الازهر تقع منطقة من اهم المناطق الاثرية التى تحوى اجمل الفنون المعمارية المنسوبة لدولة المماليك والتى حكمت مصر من سنة 1250 م الى سنة 1517 م وكانت هذه المنطقة تسمى صحراء العباسية وقد وقع اختيار المماليك عليها لتكون مضمار لسباقات الخيل ولعبة البولو ( لعبة الكرة من فوق ظهر الحصان ) وقد استهوتهم هذه المنطقة جدا فأرادوا إعمارها ، فقاموا ببناء عدة مجموعات معمارية تضم مدارس واسبلة وخانقاوات ومساجد وأوصى كثير منهم بدفنهم فى هذه المنطقة حتى اطلق عليها قرافة المماليك .
وهناك 136 أثرا مملوكى مسجل منتشرة فى القاهرة نصيب قرافة المماليك حوالى 30 اثرا .
وتتميز العمارة المملوكية بجمال النسب وبراعة التشكيل المعمارى من قبة ومأزنة وواجهات تعبر عن فلسفة معمارية متميزة ، فنجد المساجد تتخذ الشكل المدرسى المتعامد والذى يتكون من اربعة ايوانات حول باثيو مكشوف ( صحن ) ويتميز ايوان القبلة بكبره عن باقى الايوانات وإذا نظرنا الى المآزن نجد ان بدن المأزنة ينتقل من الشكل المربع والذى يرمز الى الارض الى الشكل الاسطوانى والذى يرمز الى السماء ثم يقل فى السمك حتى ينقلنا الى شكل مثمن يحمل قبة بصلية محمولة على 8 اعمدة والقبة البصلية تقود الناظر اليها الى السماء حيث الكون الفسيح وهذا يعكس بعض فكر المتصوفة الذين أرتبطوا بهذه الاماكن .
وهناك ثلاثة مجموعات معمارية توضح ذلك
ةمسجد وخانقاه السلطان برقوق
أنشأها السّلطان الملك الناصر أبو السّعادات فرج بن برقوق ، شرع فى بنائها سنة 801 هـ/ 1398م ، في المكان الذي أوصى والده السّلطان برقوق بدفنه فيه، وأتمّها سنة 813 هـ/1411م. وساهم في بعض الأعمال التّكميلية بها أخوه الملك المنصور عبد العزيز عندما ولّى الملك لفترةٍ قصيرةٍ، سنة 808 هـ/ 1405م. وقد توفّر في هذا المبنى من أغراضٍ دينيّةٍ
1.
وخيريّةٍ ما لم يتوفّر في أيّ مبنى أثريٍّ آخر. فقد اشتمل ، فضلاً عن كونه خانقاه للصّوفية ، على مسجدٍ فسيحٍ وتربتين لأسرة برقوق ، وسبيلين وكتابين لتعليم القرآن الكريم .
كما حوى من المميّزات العمارية ما لم يحوه أيّ أثرٍ آخر.
في المسجد منارتان متماثلتان وسبيلان يعلوهما كتابان فوق الايوان الغربى وقبّتان كبيرتان
تتوسطهما قبّة ثالثة صغيرة في أعلى المحراب والذى يعتبر اكبر ايوان ، وتخطيطه عبارة عن صحنٍ مكشوفٍ تحيط به أربعة إيواناتٍ كما ذكرنا انفا ، ويتكوّن سقفا ايوان المحراب والايوان المقابل من قباب نصف كرويّة محمولة على عقود ترتكز على أعمدة حجريةٍ مثمّنة القطاع. أمّا الإيوانان الجانبيان فمتماثلان ومتساويان، وتقوم خلفهما أبنية الخانقاه من خلاو وغرف علوية أُعدّت لإيواء الصّوفية وطُلاّب العلم. وبإيوان القبلة منبر حجري جميل محفور به زخارف منوّعة ، أمر بإنشائه السّلطان قايتباي سنة 888 هـ/1483م ، وتقوم أعلى المحراب قبّة صغيرة ، ويكتنف هذا الإيوان القبّتان الكبيرتان المتماثلتان ويتوصل إليهما من بابين ، فتحا على الإيوان المذكور، عليهما حجابان من الخشب على هيئة أشكالٍ هندسيّةٍ.
يرقد بالقبة البحرية السّلطان برقوق ، وبالقبة القبلية بعض أولاده وحفدته.
ونلاحظ التماثل "symmetrical “التى تميز هذا المسجد فى المآزن والقباب حتى يقال عليه المسجد ذو المآزنة التوأم .
مسجد السلطان قايتباى وضريحه
منشىء هذا المسجد هو الملك الأشرف أبو النصر قايتباى ، قدم إلى مصر برفقة تاجره محمود بن رستم سنة 1435/36م فاشتراه الملك الأشرف برسباى واستمر ضمن مماليكه إلى أن اشتراه الملك الظاهر أبو سعيد جقمق وظل فى رقه حتى أعتقه ، ومن ثم تقلب فى عدة وظائف إلى أن ولي الملك سنة 1468م ، وكانت مدة حكمه تسعا وعشرين سنة وبضعة شهور حيث توفى سنة 1496م ، وله من العمر نحو ست وثمانين سنة.
ازدهرت العمارة الإسلامية فى عهده ازدهاراً عظيماً وكثرت منشآته وتنوعت وامتازت بتناسب أجزائها ووفرة زخارفها ونقوشها وبلوغها من الدقة والإتقان شأنا عظيما ً.
كما أهتمً بالأبنية الحربية فأنشأ طابية قايتباى بالإسكندرية وطابية رشيد ، واهتم بإقامة المنشآت المدنية والخيرية ، فأقام المنازل والوكالات والأسبلة وأحواض سقي الدواب وله الكثير منها بالقاهرة.. ويعد هذا المسجد علما من أعلام هذه القرافة بل نموذجاً رائعاً للمساجد المملوكية التى أنشئت فى أواخر القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادى.
أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد ، فهو يتكون من صحن مسقوف بوسط سقفه شخشيخة وتشرف عليه أربعة عقود تفتح إلى أربعة إيوانات متقابلة أكبرها إيوان
2.
القبلة ، وتزدان أسقف الإيوانات الأربعة والصحن بنقوش مذهّبة جميلة امتازت بهدوء ألوانها وتجانسها .
وتقوم القبة بجانب إيوان القبلة ، وهى كباقى أجزاء المسجد غنية بالزخارف والنقوش ، ويكسو الجزء السفلى من حوائطها وزرة من الرخام الملون يعلوه طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وأدعية له وبعض آيات قرآنية ثم تاريخ الانتهاء من بناء القبة ، وبحوائط القبة من أعلى كما بحوائط الإيوانات شبابيك من الجص المفرغ الدقيق المحلى بالزجاج الملون.
كما نلاحظ أن أرض القبة والصحن والإيوانات فرشت بالرخام الملون .
مسجد ومدرسة الأشرف برسباى
كان الملك الأشرف أبو النصر برسباى أحد مماليك الظاهر برقوق وهو أحد مساجد ثلاثة ما زالت باقية إلى الآن أنشأها الأشرف برسباي أولها بشارع المعز ، وثانيهما مسجده الملحق به مدفنه وخانقاه ، والواقع بقرافة المماليك ، وثالثهما جامعه الكبير الذى أنشأه ببلدة الخانكة سنة 841 هـ/ 1437م ، وكلها تنطق بجمال الهندسة وحسن الزخرف ، فقد بلغت فيها صناعة الرخام وخصوصاً بالمدفن تطورا كبيرا ، كذلك الشبابيك الجصية المفرغة المحلاة بالزجاج الملون فإنها جمعت بين براعة التصميم ودقة الصناعة .
أنشىء هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد ، أي صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات متقابلة وتقع القبة ملاصقة لإيوان القبلة ، وهذا الإيوان كمثيله فى المدارس الأخرى أهم الإيوانات وأكثرها زخرفة ، ويسترعي النظر فيه أرضيته الرخامية الجميلة وشبابيكه الجصية الدقيقة .
أما منبره الخشبى فحافل بالتطعيم بالسن والزرنشان شأنه فى ذلك شأن منابر المساجد التى أنشئت فى القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادي.
وتتميز المنطقة ايضا بوجود مصنع للزجاج البلدى والذى قامت هيئة اليونسكو بتسجيله لديها حيث يعتبر من الصناعات التى قاربت على الاندثار .
وهناك ايضا مسجد جلال الدين السيوطى من آممة التصوف .
ويعد السيوطي من أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري ، حيث ملأ نشاطه العلمي في التأليف فى مختلف الفروع من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وطبقات ونحو ولغة وأدب وغيرها، فقد كان موسوعي الثقافة والاطلاع ، وقد أعانه على كثرة تأليفه انقطاعه التام للعمل وهو في سن الأربعين حتى وفاته ، وزادت مؤلفات السيوطي على الثلاثمائة كتاب ورسالة .
يعوزنا الكثير لكى نتكلم عن هذه المنطقة الرائعة فهى تعتبر بحق مدرسة للعمارة الاسلامية ارى انها تحتاج الى مزيد من الاهتمام وتركيز الاضواء عليها .

السبت، 10 يوليو 2010

الله يلغى توكيلاته


ماذا حدث لنا ؟ سؤال يتردد بقوة فى كل الاوساط واصبحت الجرائد والمجلات والفضائيات ساحة قتال ، سجال دائر بين كل فئات مصر سنة وشيعة ، بهائيين ، بهرة ، ارثوذوكس وبروتستانت ، كهنة ، شيوخ ، كتاب وصحفيين ، رجال اعمال ، القاهرة تشتعل والاسكندرية وميت غمر والمنيا ، بنى سويف ، اسيوط ، نجع حمادى ، مطروح .
ماذا يحدث يا سادة ؟ !! لن أكرر ما كتب وما قيل - وما اكثره – ولكن المشهد أصبح غير محتمل لقد اختلط الفاعل مع المفعول به ولم نعد ندرى أى منهم الصح .
ولكن العجيب ، بل والمذهل أننا كلنا نتحدث بإسم الله والله مننا برىء .
فى كل حى مسجد وكنيسة والمترددون بالمئات ولكن هناك تردى فى الحب ، المصلون والصائمون كثير ولكن بدون صدى ، أستعمال الآيات والاحاديث والاقوال فى كل مقالة وخطبة وعظة ولكن كلمات بدون حياة ، ماذا يحدث يا سادة ؟ !!
تدين زائف ، أفرغناه من محتواه ، تدين بلا حب ، بلا قبول الاخر ، بلا عطاء ، بلا ايثار للغير بلا مشاعر أو احاسيس ، تدين عنيف بعيد تماما عن أى معطيات للاديان .
أين مراكز البحث ، اين جامعاتنا ، اين علماء الاجتماع ، من يرصد ويحلل ويحزر ، هل تعلمون ما يقال عن مصر – إنها تسير بقوة الدفع الذاتى – بدون خطة ، بدون هدف ، بدون روح ، ماذا يحدث يا سادة ؟ !!
أننى اتابع الى حد ما ما يدور فى مواقع النت وخاصة موقع الفيس بوك وهالنى ما رأيت وما قرأت ، الالحاد هو الحل – كنت مسيحى والان ملحد – انا ملحد إذا انا انسان ... الخ
وطبعا الاكثرية شباب كفرو بكل شىء كفرو بالدين والسياسة والاقتصاد والذى احزننى اكثر كفرهم بمصر واصبح هناك من يجاهر بانه تحول الى اليهودية !!!!
هل نفيق قبل فوات الاوان ، هل نستيقظ ونعى ما نحن مقبلون اليه ، هل نحن نريد مصر التى نعرفها جميعا ، أم مصر الممزقة ذات الثقوب فى ثوبها الطاهر .
طبعا لا املك حلول ، ولكن املك يقين اننا يمكننا تحقيق المعجزات كما فعلنا فى اكتوبر ، هيا نلتف جميعا حول هدف قومى نعيد به مصر التى فى خاطرنا جميعا ، هيا نتخذ شعارا نعيد به هويتنا المفقودة وسوف ابدأ انا واقول أنا مصرى وسوف اظل مصرى احب النيل وتراب بلدى .
" لأنى حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى " ( كو 2 - 12 : 10 ) .
استحلال هدم الكنائس بفتوى سؤال فى الكنائس


تعددت وانتشرت فى الأونة الاخيرة ظاهرة جديدة على مصر وهى هدم الكنائس ومنع ترميمها وحتى لو فى مخيلة احد أن هذا المبنى سوف يتحول إلى كنيسة أو مكان للصلوات يسارع العامة فى هدمة والغريب أن يتم ذلك بحماية بعض رجال الامن ولا تخلو محافظة من ذلك وطبعا تتربع على العرش المنيا وكأنها فى سباق مع باقى المحافظات من تتبؤ هذه المكانة وطبعا السيد المحافظ فى سبات عميق كان الله فى عونه .
أسترعتنى هذه الظاهرة وحاولت أن أجد لها علة أو سبب حتى وقع فى يدى كتاب فى غاية الاهمية اهداه لى صديقى الدكتور جمال ابو زيد الكاتب والباحث ، والكتاب بعنوان سؤال فى الكنائس تأليف شيخ الاسلام ابى عباس تقى الدين ابن تيمية تحقيق وتعليق الدكتور جمال ابو زيد الناشر دار الحرية
واذا عرف السبب بطل العجب وكان فى هذا الكتاب الرد المنطقى لكل ما يحث فى مصر الان .
ابن تيمية هو من مواليد يناير 1263 م ولد فى حران وهى مدينة قديمة في بلاد ما بين النهرين تقع حاليا في تركيا وفى صباه ذهب الى دمشق وتعلم بها وكان نابغا فصار من مصاف العلماء والفقهاء وهو مازال فى سن العشرين .
وفى هذه الفترة كانت البلاد تقع تحت الغزو التتارى فقل الانتاج العلمى واقفل باب الاجتهاد وسيطرت نزعة التقليد والجمود ( حسب كلام الدكتور جمال ) ، فكان هذا حافزا أن يدخل هذا الشاب هذه الساحة بلا منافس ، فصال وجال وقام بتأليف كثير من الكتب منها الاستقامة – اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة اصحاب الجحيم – الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – درء تعارض العقل والنقل وكتاب مجموع فتاوى ابن تيمية والذى جاء فى المجلد الثامن والعشرون كتاب بأسم " سؤال فى الكنائس " .
وفى سنة 1307 م وكان عمره حوالى خمسة واربعون عاما جاء الى مصر بعد استدعاء الولاه له لمحاكمته على افكاره التى كانت تدعو الى مواجه الحكام ولإفكاره المتطرفة ، وسجن فى مصر لمدة سنتان وبعد خروجه من السجن طالب الصوفية فى مصر خروجه منها وعودته الى دمشق برغم رغبته الشديدة فى البقاء بصر ، ولكنه اضطر الى الخضوع والعودة الى دمشق .
واثناء سفره تم الامساك به والزج به فى السجن مرة اخرى بمصر .
واستمر على هذا المنوال يخرج ويدخل السجن بسبب فتاويه العجيبة والتى رفضت فى مصر حتى توفى فى دمشق سنة 1330 تقريبا .
ونأتى الى هذه الفتوى التى جاءت فى القرن الرابع عشر لتصير واقع فى القرن الواحد وعشرون وهذا هو منطوق السؤال الذى وجه الى بن تيمية ( ما تقول السادة العلماء ائمة الدين فى الكنائس التى بالقاهرة وغيرها التى اغلقت بأمر ولاة الامور ، اذ ادعى اهل الذمة انها اغلقت ظلما وانهم يستحقون فتحها ، وطلبوا ذلك من ولى الامرايده الله تعالى ونصره فهل تقبل دعواهم ؟ وهل تجب اجابتهم ام لا)
هذا جزء من السؤال وهو ملخص لتسائلاتهم حول ترميم أو فتح أو بناء كنائس سواء موجودة قبل الغزو العربى أو بعده ، ويأتى رده هكذا ( الحمد لله رب العالمين ، أما دعواهم أن المسلمين ظلموهم فى إغلاقها فهذا كذب مخالف لإجماع المسلمين فإن علماء المسلمين من أهل المذاهب الاربعة ............ متفقون على أن الامام لو هدم كل كنيسة بأرض العنوة كأرض مصر والسواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك مجتهدا فى ذلك ومتبعا فى ذلك لمن يرى ذلك ، لم يكن ذلك ظلما منه بل تجب طاعته فى ذلك ممن يرى ذلك ، وإن امتنعوا عن حكم المسلمين لهم كانوا ناقضين العهد وحلت دمائهم وأموالهم ) ليس ذلك فقط بل ما هو أقصى من ذلك فيقول ( والمدينة التى يسكنها المسلمون والقرية التى يسكنها المسلمون وفيها مساجد المسلمين لا يجوز أن يظهر فيها شىء من شعائر الكفر لا كنائس ولا غيرها ..... فلو كان بأرض القاهرة ونحوها كنيسة قبل بنائها لكان للمسلمين أخذها ، لأن الارض عنوة فكيف وهذه كنائس محدثة أحدثها النصارى .)
هل هذا كل شىء ؟ ... ياريت بل هناك ما هو أفظع فلقد وصم الدولة الفاطمية ( 358-567هـ/ 969-1172م ) والتى استمر حكمها ما يقرب من مائتين سنة بالكفر " الرافضة " لأنهم سمحوا للاقباط ببناء الكنائس وولوهم فى الوظائف الكبيرة مثل الوزير المسيحى الارمنى بهرام وبدر الدين الجمالى .
هل هذا كل شىء ؟ .... طبعا لا فهناك ما هوأشد فقد طالت أحاديث الرسول فهناك حديث يقول ( من أذى ذميا فقد أذانى ) وهذا الحديث منتشر جدا فى مصر يقال ليؤكد مكانة الاقباط عند رسول الاسلام ولكن حتى هذا الحديث أصبح مشكوك فى صحته فيقول بن تيمية ( فهذا كذب على رسول الله ، لم يروه احد من اهل العلم )
أعتقد الأمور وضحت وكل ما يفعل هو تنفيذ لصحيح الدين وخاصة أن كل هجوم يكون بعد تحريض من رجال الدين .
هناك الكثير والكثير ولكن أكتفى بهذا القدر الذى لا يحتاج تعليق ولكن يحتاج الى دراسة وتوثيق فلقد رفضة المصريين فى القرن الرابع عشر والأن مع إنتشار الفكر الوهابى وجد وا فى ابن تيميمة ضالتهم المنشودة ليغذو به فكر العامة ويشعلوا النيران فى مصر بأسم الدين ، فماذا نحن فاعلون !!