الخميس، 15 يوليو 2010

مدخل إلى علم اقوال الآباء

مدخل إلى علم اقوال الآباء

• مقدمة :-
يرجع لفظ باترولوجي إلى العالم اللاهوتي جون جيرهارد John Gerhard الذي ظهر في القرن السابع عشر وكان ذلك عنوانا لكتاب وضعه سنة 1653 يتضمن دراسات عن أقوال الآباء ولم يكن هو أول من أهتم بدراسات وأقوال الآباء ولكن ظهر ذلك منذ فجر المسيحية .
• من هم الآباء :-
يقول القديس بولس " لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس لكم آباء كثيرون لأني ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل " ( 1كو 4 : 15) ويقول القديس أكليمنضس السكندري
( الكلمات هي بنت أفكار الإنسان ولذلك فأننا ندعو الذين علمونا آباء لنا ... وكل من يتعلم هو من جهة الخضوع ابن لمعلم ) ،لذا فقد جرت العادة أن يطلق علي معلمي الكنيسة ومؤلفي الكتابات المسيحية في القرون الأولي اسم ( آباء الكنيسة ) ، وكان يطلق كلمة أب علي " المعلم " حيث يعتبر المعلم أب لتلاميذه وتبعا لذلك نستطيع أن نقول أن الآباء هم الذين ساهموا في تحديد مضمون الإيمان أو في صياغته أو شرحه وكانت أقوال الآباء في هذه الفترة تمثل نصيبا من التقليد الكنسي ، يتقبله كل جيل وينقله لدي الجيل الذي هكذا انتشرت أقوال الآباء لأنها تحمل بين طياتها إيمان الكنيسة الحي كما يقول القديس يهوذا في رسالته " الأيمان المسلم مرة للقديسين " ( يهوذا 1 : 3 )
** وتحدد الكنيسة فيمن يعتبرون آباء يجب أن يتوفر فيهم الشروط التالية :-
1) أرثوذكسية العقيدة .
2) قداسة الحياة .
3) قبول الكنيسة لأفكارهم.
4) أن يكون من آباء القرون الخمسة .
أما باقي المعلمين في العصور الأخرى المختلفة والكتاب اللاهوتيين ، يطلق عليهم الكتاب الكنسيين أو معلموا الكنيسة .
** أهمية دراسة كتابات الآباء :-
1. الكتاب المقدس والتقليد الكنسي هما أهم مصدرين للأيمان وتعتبر أقوال الآباء وكتاباتهم هي من أهم مصادر التقليد الكنسي.
2. كتابات الآباء : هي المصدر الأساسي لتفسير الكتاب المقدس وخاصة الآيات التي تمس العقيدة والأيمان.
3. كتابات الآباء : هي المصدر الأساسي الذي تأخذ منه الكنيسة نصوص القداسات التي نصلي بها كذلك التسابيح والتماجيد.
4. كتابات الآباء : هي الشبع والغذاء الذي تستقي منه الكنيسة حياتها الروحية والنسكية، كما أنها مصدر سير الشهداء والقديسين في العصور الأولي للمسيحية.
5. حاجة الكنيسة إلى مراجع أرثوذكسية في مجالات كثيرة تحتاج إليها مثل اللاهوت العقيدي، الطقوس الكنسية ، التاريخ الكنسي والقانون الكنسي وتفاسير الكتاب المقدس وكل ذلك لا يتوفر الإ في كتابات الآباء.
** كيف وصلت إلينا أقوال الآباء وكتاباتهم:-
كما ذكرنا في المقدمة أن أول من أستعمل لفظ باترولوجي هو جون جيرهارد في القرن السابع
عشر ولكن قبل ذلك كانت جهود لكثيرين لجمع هذا التراث الآبائى الهام .
1. يوسابيوس القيصري ( 260 – 340 م ) : يلقب بابو الباترولوجيا ومؤسس نشر فكر الآباء وأقوالهم وهو أول من أعتني بجمع أسماء الآباء و أعمالاهم وأهم أفكارهم وذلك في كتابة الهام ( التاريخ الكنسي ) الذي نشر عام 326 م .
2. القديس جيروم ( 342 – 420م ) : وقد قام بنفس العمل في كتابه المشهور ( مشاهير الآباء ) والذي جاء في 135 فصلا .
3. القديس يوحنا كاسيان ( 360 – 435 م ) : والذي تتلمذ علي أيدي آباء مصر العظام وسجل خبراتهم في كتابين ( المناظرات مع آباء البرية Conferences ) و (Institute ) .
4. المؤرخ بالاديوس ( 365 – 425 م ) : وقد جاء إلى مصر ليتعرف علي نساكها وقد تقابل مع القديس ديدموس الضرير ووضع كتابه الهام الذي سجل فيه الفكر الرهباني ( فردوس الآباء ) ويلقب أيضا بكتاب ( التاريخ اللوزياكي ).
5. روفينوس ( Rufinus ) ( 345 – 410 م ) : وقد درس أيضا علي يد القديس ديدموس الضرير عدة سنوات ووضع كتابه ( تاريخ الرهبنة في مصر ) وهو الذي أتطلع بترجمة كتابات أوريجانوس ونشرها باللاتينية.
6. باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزى : وقد شغفا بالعلامة أوريجانوس وأخذا من كتاباته الكثير في كتابهما ( الفيلوكاليا ) ( حب الصلاح ).
7. القديس اثناسيوس : وعمله الشهير ( انطونيوس ) ثم تتالت بعد ذلك ترجمات أقوال الآباء عن اللغات القديمة التي كتبت باليونانية أو القبطية إلى اللغات الحية وذلك بعد ترجمتها إلى اللاتينية .
** لغة الآباء :-
نظرا لأن اللغة اليونانية هي لغة الأدب والثقافة والفلسفة في ذلك الوقت ، لذا كانت اللغة اليونانية هي اللغة الأساسية التي كتب بها الآباء وخاصة في القرون الثلاثة الأولي ، وعندم وضع بنتينوس ( عميد مدرسة الإسكندرية ) في القرن الثاني مبادئ اللغة القبطية
وهي آخر تطور للغة الفرعونية القديمة ( الديموطيقية ) بدأت حركة ترجمة هذه الكتابات الي اللغة القبطية وكان رائد هذه الترجمات القديس أكليمنضس السكندري تلميذ بنتينوس وازدهرت هذه الترجمات في القرن الثاني حتى القرن الخامس .
وبعد دخول العرب مصر وانتشار اللغة العربية وكان ذلك في بدايات القرن الثامن والتاسع بدأت حركة الترجمة الي العربية وكان أول من قام بذلك ساويرس ابن المقفع ( الكتابه باللغة العربية ) في القرن العاشر ورغم ذلك لم يمنع هذا من استمرار بعض الآباء بالكتابة باللغة القبطية وذلك حتى القرن الثاني عشر .
** أهم دور النشر التى قامت بنشر هذه الكتابات :-
أهم هذه المنشورات مجموعة ميني (Migne ) : وهي سميت علي اسم احد الآباء الرهبان في القرن التاسع عشر والذي أهتم بجمع كل كتابات الآباء التى نشرت بجميع اللغات حتى هذا التاريخ وهي عبارة عن مجموعتين :
1. مجموعة الآباء اللاتين : طبعة باريس ( 1844 – 1855 ) وتتكون من 221 مجلد
2. مجموعة الآباء الأغريق : ( وهي التي كتبت باليونانية ) طبعة ( 1857 – 1866 ) وتتكون من 161 مجلد .
وهناك مجموعات أخرى مثل :-
1. مجموعة الآباء الشرقيين Patrologia Orientals: نشرت في باريس ( 1907 ) في 28 مجلد.
2. مجموعة الآباء السريان Patrologia Syriaca نشرت في باريس ( 1894 – 1926) في 3 مجلدات.
3. مجموعة مصادر مسيحية Sources Chrétien's
4. مجموعة آباء نيقية Nicene Fathers
وهي ثلاثة مجموعات ما قبل نيقية The Ante Nicene Fathers
نيقية Nicene Fathers ما بعد نيقية Post Nicene Fathers
وهي أهم المجموعات المنتشرة في مصر لأنها باللغة الإنجليزية وأغلب المترجمين المصريين يستخدمونها.
** مراحل تطور التراث الآبائى :-
يقسم العلماء وخاصة كواستين ( Quasten ) المراحل التي مر بها التراث الآبائى بخمسة أقسام:

أ- بدأ الأدب المسيحي الآبائى :-
ويضم كتابات الآباء الرسولين القرن الأول ، القرن الثاني ، القوانين الرسولية ، الليتورجيا ، الكتب الابوكريفا وفصلها عن الكتاب المقدس ، أعمال قصص الشهداء ، المدافعين والرد علي الهرطقات .

ب – كتابات ما بعد ايريناؤس الي ما قبل نيقية ( 325 م ):-
ظهور مدرسة الإسكندرية اللاهوتية ، ظهور آباء أسيا الصغرى ومدرسة إنطاكية"التفسير الحرفي" الأدب اللاتيني المسيحي كذلك شمال أفريقيا ترتليان والقديس كبريانوس وغيرهم.

ج – كتابات ما بعد نيقية حتى مجمع خلقيدونية ( 451 م ):-
ويسمى بالعصر الذهبي لكتابات الآباء الشرقيين ، البابا الكسندروس ، اثناسيوس الرسولي ، ديدموس الضرير ، البابا ثاؤفيلس – البابا كيرلس الكبير ...
ظهور كتابات مؤسس الحركة الرهبانية (انطونيوس– باخوميوس – مقاريوس المصري – بالاديوس اسيذورس – شنودة ).
وخارج مصر ظهر أيضا آباء عظام أمثال باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزينزي ، يوسابيوس القيصري، كيرلس الاورشاليمي، يوحنا ذهبي الفم كما تميز بظهور المؤرخين (سقراط – سوزومين).

د – آباء الغرب في القرن الرابع والخامس :-
القديس هيلاري، القديس امبروسيوس ، القديس اغسطينوس ، القديس جيروم ، القديس روفينوس،
القديس يوحنا كاسيان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق