الاثنين، 12 يوليو 2010

قرافة المتصوفة - آثار منسية


حبا الله مصر بتنوع حضارى وتراثى يندر ان يتواجد فى مكان آخر ولو وضعنا خريطة تضم آثار مصر خلال العصور المختلفة لن يخلو شبر من هذه الآثار سواء فوق الارض او تحتها .
وهذا التنوع لو أحسن إستغلاله تصير السياحة هى قاطرة التنمية فى مصر متفوقة على البترول.
فى سفح جبل المقطم وفى منطقة يصعب التعرف عليها أو الوصول اليها ووسط مقابر الغفير تقبع منطقة تضم بين جنباتها آثار أقطاب التصوف فى مصر والغريب أن تحتوى هذه المنطقة على عناصر مختلفة ومتباينة بين قرافة ومسجد وبيت وقبة بخلاف مساجد لطائفة البهرة ويطلق على هذه المنطقة القرافة الصغرى وكذلك قرافة المتصوفين .
الصوفية هى رافد مصرى أصيل نشأ على يد ذو النون المصرى مؤسس وواضع بذرة التصوف فى مصر ومنه انتقلت الى سائر البلاد العربية كان لدى ذو النون المصرى ثقافته العلمية وأيضاً الدينية والروحية وتشير أغلب المراجع إلى أثنين تعلم وتتلمذ على أيديهما وهما إسرافيل وشقران العابد ويرجح أن إسرافيل هذا كان احد معلمى الغنوسية وقد تطرق هذا الصوفى إلى موضوعات كثيرة مثل النفس الإنسانية – الأخلاق البشرية – الجبر والأختيار – المعانى الروحية فى مناسك الحج – الأخوة فى الله – علم الباطن وحقيقته – المعرفة وسبيل الوصول اليها – المحبة الإلهية – المحبة والمعرفة .
هذا المتصوف جذب كثييرين مثل ابن الفارض الملقب بسلطان العاشقين وكذلك شاهين الخلوتى وغيرهم كثير مما جعل منزل ذى النون المصرى قبلة لكل المتصوفة وبعد وفاته أوصى كثير من المتصوفة بالدفن فى هذا المكان .
ثم ذاع صيت هذه المنطقة أكثر وجذبت ايضا طائفة البهرة الذين حرصو على التواجد فى هذا المكان وأقاموا عدة مساجد لهم .
كان لا بد من هذه المقدمة حتى نتعرف على الخلفية التاريخية هذه المنطقة وأهميتها
قبة ابن الفارض
في سفح جبل المقطم يقع مسجد سلطان العاشقين عمر بن الفارض الذي يحتفي به الصوفيون كثيرا.. فصاحبه عمر بن الفارض ، وهو واحد من كبار الشعراء الصوفيين ويحفل بشعره الشعراء والدارسون ويصف بعضهم ديوانه بأنه أرق الدواوين شعرا.
وقد توفي في سنة 632 هجرية "1235م" .. ودفن بالمقطم.. وبعد أكثر من قرنين من الزمان.. وفي سنة 865 هجرية "1460م" أقام الامير برقوق الناصري الظاهري قبة علي قبره.. وهي قبة صغيرة مبنية بالحجر. أقيمت علي أربعة عقود مفتوحة وسطحها محلي بالنقوش وتتميز هذه القبة بالمقرنصات التى فى الاركان الاربعة للقبة ومع القبة كان المسجد الذي جدده بعد ذلك بثلاثة قرون تقريبا في سنة 1173 هجرية "1759م" أمير اللواء السلطاني علي بك قازدغلي امير الحج.. وبقايا هذا المسجد تضم عمودين حجريين ومحرابا حجريا ودكه للمبلغ وبقايا منبر.. وعلي جزء من أرض هذا المسجد القديم انشأ المسجد الحالي ابنة الخديوي اسماعيل الأميرة جميلة فاضيلة هانم عمة الملك فاروق في سنة 1307 هجرية "1889م" وجعلته مسجدا مستطيلا تحمل أسقفه أربعة أعمدة حجرية وله محراب ومنبر يتميزان بالبساطة وألحقت به حديقة صغيرة ، ولكن حال هذه المجموعة المعمارية قد تغير كثيرا فطالت يد التجديد هذه القبة الرائعة وتم دهانها من الداخل بالوان بعيدة تماما عن روح الاثر ونجد الوان ذهبية واصفر واسود وموف مما افقد هذه القبة جلالها وجمالها المعمارى .
قبة الخلوتى
تقع جنوب قبة عمر بن الفارض بسفح المقطم وكان يوجد فوق باب القبة لوحة من الرخام عليها كتابة نصها ( بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا الجامع وأوقفه العبد الفقير إلى الله تعالى جمال الدين عبد الله نجل العارف بالله شاهين الشيخ الخلوتى افتتح عام 945 هـــــ ويوجد كتابة أخرى منقوشة في داخل القبة ذكر تاريخ تجديدها سنة سبع بعد الألف
وتحت رقم ‏212‏ تم تسجيل جامع شاهين الخلوتي في سجلات الآثار باعتباره واحدا من أهم معالم مدينة القاهرة القديمة‏ ,‏ وقد جاء ذكر هذا المسجد في كتاب علي بك مبارك‏(‏ الخطط التوفيقية‏)‏ ووصفه بأنه يقع بسفح المقطم ويصعد إليه بمزلقان وبه أربعة أعمدة من الحجر وقبلته مشغولة بقطع من الرخام الملون والصدف يكتنفها عمودان من الرخام ومنبر خشبي ودكة قائمة علي عمود من الرخام وتتمثل ملحقات المسجد في مساكن وخلوات للصوفية ومقابر منحوتة وبعضها مبني وصهريج للماء وبيت خلاء‏,‏ بالإضافة لمجموعة من المغارات المنحوتة في الصخر علي مستوي واحد أو علي مستويات مختلفة من الجبل وكان يتصل بعضها ببعض بأنفاق ويتم الوصول إليها بدرجات منحوتة في الجبل .
وبالرغم من ان هذا الاثر مسجل إلا ان حالته متدهورة جدا ولم يبقى منه سوى المأزنه والحائط الجنوبى وأصبح على وشك الانهيار ولم يعد هناك مسلك للصعود اليه بعد ان حاصرته المدافن الحديثة .
قبة الاسباط
وهى تجاور منزل ذى النون المصرى وتشير المصادر التاريخية ان اخوة يوسف مدفونون تحتها ويجاور هذه القبة مقعد من دورين عبارة عن عدة حجرات مغطاه بقبوات متقاطعة وبها محراب مزين بزخارف نباتية يشهد على عظمة الفنان الذى قام بإعداده وهى فى مجملها غاية فى الروعة والفن المعمارى المتميز ، ولكن للاسف صارت مقلب زبالة كما تهدمت بعض اسقفها .
قبة جميلة هانم
وهى التى اهتمت بقبة ابن الفارض وكما ذكرت سابقا فهى عمة الملك فاروق ويحيط بها سور وحديقة ولها باب خشب اثرى وللاسف ايضا اصبحت فى حالة يرثى لها بخلاف تربية الدواجن التى يقوم بها حراس المدفن مما جعل المنطقة فى غاية السوء .
مسجد اللؤلؤة ( ملكية خاصة )
وهومسجد اثرى ينتمى لطائفة البهرة وترجع تسميته بذلك لانه عند إضاءته مساء يصير مثل اللؤلؤة وسط الجبل ولكن الغريب أن المسجد أغلق فى وجوهنا ومنعنا من زيارته لانه حسب تعليقهم هو مسجد خاص ولا يدخله سوى البهرة .
يعوزنى الكثير حتى اسرد كل المعالم الاثرية فى هذه المنطقة ولكن اكتفى بهذا القدر لافتا ان هذه المنطقة تتعرض للتدمير والاختفاء وهذا سوف يكون فى غضون مدة قصيرة .
لذا اناشد الدكتور زاهى حواس - الذى غير خريطة مصر الاثرية والسياحية ويكفيه فخرا شارع المعز لدين الله الذى اصبح متحفا مفتوحا يشهد على عظمة التاريخ المصرى والعمارة الاسلامية – ان يولى هذه المنطقة الاهتمام لتعود رافدا مهما للسياحة الدينية وخاصة ان عشاق التصوف منتشرون فى العالم اجمع وخاصة المستشرقين المغرمين بفكر ذى النون المصرى ومريديه .
واقترح ايضا بعد اعداد هذه المنطقة للزيارة عمل مؤتمر عالمى عن التصوف والعمارة الصوفية ورموزها ويكون تحت رعاية الدكتور زاهى حواس .
ملاحظة هامة :
المنطقة تعانى قصور امنى شديد حيث هرع الينا بعض افراد الامن محذرين ايانا من التجول بمفردنا فى هذه المنطقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق