الأحد، 11 يوليو 2010

صحراء المماليك وجماليات العمارة الاسلامية



على طريق صلاح سالم وامام مشيخة الازهر تقع منطقة من اهم المناطق الاثرية التى تحوى اجمل الفنون المعمارية المنسوبة لدولة المماليك والتى حكمت مصر من سنة 1250 م الى سنة 1517 م وكانت هذه المنطقة تسمى صحراء العباسية وقد وقع اختيار المماليك عليها لتكون مضمار لسباقات الخيل ولعبة البولو ( لعبة الكرة من فوق ظهر الحصان ) وقد استهوتهم هذه المنطقة جدا فأرادوا إعمارها ، فقاموا ببناء عدة مجموعات معمارية تضم مدارس واسبلة وخانقاوات ومساجد وأوصى كثير منهم بدفنهم فى هذه المنطقة حتى اطلق عليها قرافة المماليك .
وهناك 136 أثرا مملوكى مسجل منتشرة فى القاهرة نصيب قرافة المماليك حوالى 30 اثرا .
وتتميز العمارة المملوكية بجمال النسب وبراعة التشكيل المعمارى من قبة ومأزنة وواجهات تعبر عن فلسفة معمارية متميزة ، فنجد المساجد تتخذ الشكل المدرسى المتعامد والذى يتكون من اربعة ايوانات حول باثيو مكشوف ( صحن ) ويتميز ايوان القبلة بكبره عن باقى الايوانات وإذا نظرنا الى المآزن نجد ان بدن المأزنة ينتقل من الشكل المربع والذى يرمز الى الارض الى الشكل الاسطوانى والذى يرمز الى السماء ثم يقل فى السمك حتى ينقلنا الى شكل مثمن يحمل قبة بصلية محمولة على 8 اعمدة والقبة البصلية تقود الناظر اليها الى السماء حيث الكون الفسيح وهذا يعكس بعض فكر المتصوفة الذين أرتبطوا بهذه الاماكن .
وهناك ثلاثة مجموعات معمارية توضح ذلك
ةمسجد وخانقاه السلطان برقوق
أنشأها السّلطان الملك الناصر أبو السّعادات فرج بن برقوق ، شرع فى بنائها سنة 801 هـ/ 1398م ، في المكان الذي أوصى والده السّلطان برقوق بدفنه فيه، وأتمّها سنة 813 هـ/1411م. وساهم في بعض الأعمال التّكميلية بها أخوه الملك المنصور عبد العزيز عندما ولّى الملك لفترةٍ قصيرةٍ، سنة 808 هـ/ 1405م. وقد توفّر في هذا المبنى من أغراضٍ دينيّةٍ
1.
وخيريّةٍ ما لم يتوفّر في أيّ مبنى أثريٍّ آخر. فقد اشتمل ، فضلاً عن كونه خانقاه للصّوفية ، على مسجدٍ فسيحٍ وتربتين لأسرة برقوق ، وسبيلين وكتابين لتعليم القرآن الكريم .
كما حوى من المميّزات العمارية ما لم يحوه أيّ أثرٍ آخر.
في المسجد منارتان متماثلتان وسبيلان يعلوهما كتابان فوق الايوان الغربى وقبّتان كبيرتان
تتوسطهما قبّة ثالثة صغيرة في أعلى المحراب والذى يعتبر اكبر ايوان ، وتخطيطه عبارة عن صحنٍ مكشوفٍ تحيط به أربعة إيواناتٍ كما ذكرنا انفا ، ويتكوّن سقفا ايوان المحراب والايوان المقابل من قباب نصف كرويّة محمولة على عقود ترتكز على أعمدة حجريةٍ مثمّنة القطاع. أمّا الإيوانان الجانبيان فمتماثلان ومتساويان، وتقوم خلفهما أبنية الخانقاه من خلاو وغرف علوية أُعدّت لإيواء الصّوفية وطُلاّب العلم. وبإيوان القبلة منبر حجري جميل محفور به زخارف منوّعة ، أمر بإنشائه السّلطان قايتباي سنة 888 هـ/1483م ، وتقوم أعلى المحراب قبّة صغيرة ، ويكتنف هذا الإيوان القبّتان الكبيرتان المتماثلتان ويتوصل إليهما من بابين ، فتحا على الإيوان المذكور، عليهما حجابان من الخشب على هيئة أشكالٍ هندسيّةٍ.
يرقد بالقبة البحرية السّلطان برقوق ، وبالقبة القبلية بعض أولاده وحفدته.
ونلاحظ التماثل "symmetrical “التى تميز هذا المسجد فى المآزن والقباب حتى يقال عليه المسجد ذو المآزنة التوأم .
مسجد السلطان قايتباى وضريحه
منشىء هذا المسجد هو الملك الأشرف أبو النصر قايتباى ، قدم إلى مصر برفقة تاجره محمود بن رستم سنة 1435/36م فاشتراه الملك الأشرف برسباى واستمر ضمن مماليكه إلى أن اشتراه الملك الظاهر أبو سعيد جقمق وظل فى رقه حتى أعتقه ، ومن ثم تقلب فى عدة وظائف إلى أن ولي الملك سنة 1468م ، وكانت مدة حكمه تسعا وعشرين سنة وبضعة شهور حيث توفى سنة 1496م ، وله من العمر نحو ست وثمانين سنة.
ازدهرت العمارة الإسلامية فى عهده ازدهاراً عظيماً وكثرت منشآته وتنوعت وامتازت بتناسب أجزائها ووفرة زخارفها ونقوشها وبلوغها من الدقة والإتقان شأنا عظيما ً.
كما أهتمً بالأبنية الحربية فأنشأ طابية قايتباى بالإسكندرية وطابية رشيد ، واهتم بإقامة المنشآت المدنية والخيرية ، فأقام المنازل والوكالات والأسبلة وأحواض سقي الدواب وله الكثير منها بالقاهرة.. ويعد هذا المسجد علما من أعلام هذه القرافة بل نموذجاً رائعاً للمساجد المملوكية التى أنشئت فى أواخر القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادى.
أنشئ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد ، فهو يتكون من صحن مسقوف بوسط سقفه شخشيخة وتشرف عليه أربعة عقود تفتح إلى أربعة إيوانات متقابلة أكبرها إيوان
2.
القبلة ، وتزدان أسقف الإيوانات الأربعة والصحن بنقوش مذهّبة جميلة امتازت بهدوء ألوانها وتجانسها .
وتقوم القبة بجانب إيوان القبلة ، وهى كباقى أجزاء المسجد غنية بالزخارف والنقوش ، ويكسو الجزء السفلى من حوائطها وزرة من الرخام الملون يعلوه طراز مكتوب به اسم المنشئ وألقابه وأدعية له وبعض آيات قرآنية ثم تاريخ الانتهاء من بناء القبة ، وبحوائط القبة من أعلى كما بحوائط الإيوانات شبابيك من الجص المفرغ الدقيق المحلى بالزجاج الملون.
كما نلاحظ أن أرض القبة والصحن والإيوانات فرشت بالرخام الملون .
مسجد ومدرسة الأشرف برسباى
كان الملك الأشرف أبو النصر برسباى أحد مماليك الظاهر برقوق وهو أحد مساجد ثلاثة ما زالت باقية إلى الآن أنشأها الأشرف برسباي أولها بشارع المعز ، وثانيهما مسجده الملحق به مدفنه وخانقاه ، والواقع بقرافة المماليك ، وثالثهما جامعه الكبير الذى أنشأه ببلدة الخانكة سنة 841 هـ/ 1437م ، وكلها تنطق بجمال الهندسة وحسن الزخرف ، فقد بلغت فيها صناعة الرخام وخصوصاً بالمدفن تطورا كبيرا ، كذلك الشبابيك الجصية المفرغة المحلاة بالزجاج الملون فإنها جمعت بين براعة التصميم ودقة الصناعة .
أنشىء هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد ، أي صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات متقابلة وتقع القبة ملاصقة لإيوان القبلة ، وهذا الإيوان كمثيله فى المدارس الأخرى أهم الإيوانات وأكثرها زخرفة ، ويسترعي النظر فيه أرضيته الرخامية الجميلة وشبابيكه الجصية الدقيقة .
أما منبره الخشبى فحافل بالتطعيم بالسن والزرنشان شأنه فى ذلك شأن منابر المساجد التى أنشئت فى القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادي.
وتتميز المنطقة ايضا بوجود مصنع للزجاج البلدى والذى قامت هيئة اليونسكو بتسجيله لديها حيث يعتبر من الصناعات التى قاربت على الاندثار .
وهناك ايضا مسجد جلال الدين السيوطى من آممة التصوف .
ويعد السيوطي من أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري ، حيث ملأ نشاطه العلمي في التأليف فى مختلف الفروع من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وطبقات ونحو ولغة وأدب وغيرها، فقد كان موسوعي الثقافة والاطلاع ، وقد أعانه على كثرة تأليفه انقطاعه التام للعمل وهو في سن الأربعين حتى وفاته ، وزادت مؤلفات السيوطي على الثلاثمائة كتاب ورسالة .
يعوزنا الكثير لكى نتكلم عن هذه المنطقة الرائعة فهى تعتبر بحق مدرسة للعمارة الاسلامية ارى انها تحتاج الى مزيد من الاهتمام وتركيز الاضواء عليها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق